الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                المدرك الثامن : تعارض المقاصد والوضع اللغوي والشرعي ، وأنها تغلب ، ففي ( الكتاب ) : من حلف لا يفعل شيئا ، زمانا ، أو دهرا ، فذلك كله سنة ، وقال ( ش ) : يحمل على العرف ، فإن فقد ، فاللغة ، وقال ( ح ) ، وابن حنبل : الحين ستة أشهر لقوله تعالى : ( تؤتي أكلها كل حين ) ( إبراهيم : 45 ) أي في كل ستة أشهر ، وليس كما قالاه ، بل النخلة تحمل ويكمل حملها في سبعة أشهر ، وهو أحد الوجوه التي شبهت فيها بالإنسان في قوله - عليه السلام - : ( أكرموا عمتكم النخلة ) ، وروى ابن وهب عن مالك تردده في الدهر هل هو سنة أم لا ، وروي عن ابن عباس أنه سنة [ ص: 44 ] لقوله تعالى : ( تؤتي أكلها كل حين ) إشارة إلى أن التمرة إذا حملت في وقت لا تحمل إلا في ذلك الوقت ، وهو سنة . قال اللخمي : هو مدة فيها طول دون السنة ، فإن عرف ، فقال : الدهر أو العصر . قيل سنة الأكثر في الزمان ، والدهر مدة الدنيا .

                                                                                                                قاعدة : اللفظ إنما يقال له شرعي إذا غلب استعماله عليه ، يصير الفهم سابقا إلى ذلك المعنى دون غيره . أما إذا استعمل اللفظ الذي له مسمى عام في بعض أفراده مرة واحدة ، لا يقال له شرعي ، ولا عرفي ، بل ذلك شأن استعمال اللغة ، فنقل لفظ المعنى العام في أفراد مسماه ، والحين اسم لجزء ما من الزمان وإن قل يصدق على القليل والكثير ، واستعماله في بعض الصور في بعض أفراده لا يصيره منقولا لذلك الفرد .

                                                                                                                فالمتجه ما قاله ( ش ) وأما مع التعريف ، فيتجه ما قاله الداودي ; لأن اللام للعموم . قاله اللخمي ، وإن حلف لا يكلمه أياما أو شهورا أو سنين ، فثلاثة من كل صنف سماه إلا أن يريد التطويل ، فلا بد من الطول ، فإن عرف باللام ، فقيل : سنة لقوله تعالى : ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ) ( التوبة : 36 ) وقيل : الأبد ، وعلى هذا القول تحمل الشهور على شهور السنة وتحمل الأيام على الأسبوع . وإن حلف : لا يفعل شيئا في هذه السنة ، وقد مضى نصفها . قال مالك : يأتنف سنة إلا أن تكون له نية . قال : وفيه نظر ; لأن الإشارة بـ ( هذه ) تقتضي التخصيص ، وفي ( الجواهر ) : الحالف ليهجرنه : فثلاثة أيام ; لأنها نهاية الهجران الشرعي ، وفي كتاب محمد : شهر ; لأنه محدود ، وكثيرا ما تقع الأيمان عليه ، فهو معتاد ، ولو قال : لأطيلن هجرانه قال محمد : سنة ، وقيل : شهر . قال أبو الحسن : إن كانا صديقين ، فالشهر طول ، وإلا فقليل .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية