الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شمم

                                                          شمم : الشم : حس الأنف ، شممته أشمه وشممته أشمه شما وشميما وتشممته واشتممته وشممته ; قال قيس بن ذريح يصف أينقا وسقبا :


                                                          يشممنه لو يستطعن ارتشفنه إذا سفنه يزددن نكبا على نكب

                                                          وقال أبو حنيفة : تشمم الشيء واشتمه أدناه من أنفه ليجتذب رائحته . وأشمه إياه : جعله يشمه . وتشممت الشيء : شممته في مهلة ، والمشامة مفاعلة منه ، والتشام التفاعل . وأشممت فلانا الطيب فشمه واشتمه بمعنى ، ومنه التشمم ، كما تشمم البهيمة إذا التمست رعيا . والشم : مصدر شممت . وأشممني يدك أقبلها ، وهو أحسن من قولك ناولني يدك ; وقول علقمة بن عبدة :


                                                          يحملن أترجة نضح العبير بها     كأن تطيابها في الأنف مشموم

                                                          قيل : يعني المسك ، وقيل : أراد أن رائحتها باقية في الأنف ، كما يقال : أكلت طعاما هو في فمي إلى الآن . وقولهم : يا ابن شامة الوذرة ; كلمة معناها القذف . والمشموم : المسك ، وأنشد بيت علقمة أيضا . والشمامات : ما يتشمم من الأرواح الطيبة اسم كالجبانة . ابن الأعرابي : شم إذا اختبر وشم إذا تكبر . وفي حديث علي كرم الله وجهه حين أراد أن يبرز لعمرو بن ود ، قال : أخرج إليه فأشامه قبل اللقاء أي أختبره وأنظر ما عنده . يقال : شاممت فلانا إذا قاربته وتعرفت ما عنده بالاختبار والكشف ، وهي مفاعلة من الشم كأنك تشم ما عنده ويشم ما عندك لتعملا بمقتضى ذلك ، ومنه قولهم : شاممناهم ثم ناوشناهم . والإشمام : روم الحرف الساكن بحركة خفية لا يعتد بها ولا تكسر وزنا ; ألا ترى أن سيبويه حين أنشد :


                                                          متى أنام لا يؤرقني الكري

                                                          مجزوم القاف ، قال بعد ذلك : وسمعت بعض العرب يشمها الرفع ، كأنه قال متى أنام غير مؤرق ؟ التهذيب : والإشمام أن يشم الحرف الساكن حرفا كقولك في الضمة هذا العمل وتسكت ، فتجد في فيك إشماما للام لم يبلغ أن يكون واوا ، ولا تحريكا يعتد به ، ولكن شمة من ضمة خفيفة ، ويجوز ذلك في الكسر والفتح أيضا . الجوهري : وإشمام الحرف أن تشمه الضمة أو الكسرة ، وهو أقل من روم الحركة ; لأنه لا يسمع ، وإنما يتبين بحركة الشفة ، قال : ولا يعتد بها حركة لضعفها ; والحرف الذي فيه الإشمام ساكن أو كالساكن مثل قول الشاعر :


                                                          متى أنام لا يؤرقني الكري     ليلا ولا أسمع أجراس المطي

                                                          قال سيبويه : العرب تشم القاف شيئا من الضمة ، ولو اعتددت بحركة الإشمام لانكسر البيت وصار تقطيع : رقني الكري ، متفاعلن ، ولا يكون ذلك إلا في الكامل ، وهذا البيت من الرجز . وأشم الحجام الختان ، والخافضة البظر : أخذا منهما قليلا . وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأم عطية : إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي ، فإنه أضوأ للوجه وأحظى لها عند الزوج قوله : ولا تنهكي أي لا تأخذي من البظر كثيرا شبه القطع اليسير بإشمام الرائحة والنهك بالمبالغة فيه ، أي اقطعي بعض النواة ولا تستأصليها . وشاممت العدو إذا دنوت منهم حتى يروك وتراهم . والشمم : الدنو اسم منه ، يقال : شاممناهم وناوشناهم ; قال الشاعر :


                                                          ولم يأت للأمر الذي حال دونه     رجال هم أعداؤك الدهر من شمم

                                                          وفي حديث علي : فأشامه أي أنظر ما عنده ، وقد تقدم . والمشامة : الدنو من العدو حتى يتراءى الفريقان . ويقال : شامم فلانا أي انظر ما عنده . وشاممت الرجل إذا قاربته ودنوت منه . والشمم : القرب ; وأنشد أبو عمرو لعبد الله بن سمعان التغلبي :


                                                          ولم يأت للأمر الذي حال دونه     رجال هم أعداؤك الدهر من شمم

                                                          وشممت الأمر وشاممته : وليت عمله بيدي . والشمم في الأنف : ارتفاع القصبة وحسنها واستواء أعلاها ، وانتصاب الأرنبة ، وقيل : ورود الأرنبة في حسن استواء القصبة وارتفاعها أشد من ارتفاع الذلف ، وقيل : الشمم أن يطول الأنف ويدق وتسيل روثته ، رجل أشم ، وإذا وصف الشاعر فقال أشم فإنما يعني سيدا ذا أنفة . والشمم : طول الأنف وورود من الأرنبة . الجوهري : الشمم ارتفاع في قصبة الأنف مع استواء أعلاه وإشراف الأرنبة قليلا ، فإن كان فيها [ ص: 140 ] احديداب ، فهو القنا ، ورجل أشم الأنف . وجبل أشم أي طويل الرأس بين الشمم فيهما . وفي صفته صلى الله عليه وسلم : يحسبه من لم يتأمله أشم ; ومنه قول كعب بن زهير :


                                                          شم العرانين أبطال لبوسهم

                                                          جمع أشم والعرانين : الأنوف ، وهو كناية عن الرفعة والعلو وشرف الأنفس ; ومنه قولهم للمتكبر العالي : شمخ بأنفه . وشم الأنوف : مما يمدح به ورجل أشم وامرأة شماء . أبو عمرو : أشم الرجل يشم إشماما ، وهو أن يمر رافعا رأسه ، وحكى عن بعضهم : عرضت عليه كذا وكذا ، فإذا هو مشم لا يريده . ويقال : بينا هم في وجه إذ أشموا أي عدلوا . قال يعقوب : وسمعت الكلابي يقول أشموا إذا جاروا عن وجوههم يمينا وشمالا ، ومنكب أشم : مرتفع المشاشة . رجل أشم ، وقد شم شمما فيهما . وشماء : اسم أكمة ; وعليه فسر ابن كيسان قول الحارث بن حلزة :


                                                          بعد عهد لنا ببرقة شما     ء فأدنى ديارها الخلصاء

                                                          وجبل أشم : طويل الرأس . والشمام : جبل له رأسان يسميان ابني شمام . وبرقة شماء : جبل معروف ، وشمام : اسم جبل ; قال جرير :


                                                          عاينت مشعلة الرعال كأنها     طير يغاول في شمام وكورا

                                                          ويروى بكسر الميم ; قال ابن بري : الصحيح أن البيت للأخطل ، قال : وشمام جبل بالعالية ; قال ابن بري : وقد أعربه جرير حيث يقول :


                                                          فإن أصبحت تطلب ذاك فانقل     شماما والمقر إلى وعال

                                                          وعال بالسود سود باهلة والمقر بظهر البصرة ، قال : ولشمام هذا الجبل رأسان يسميان ابني شمام ; قال لبيد :


                                                          فهل نبئت عن أخوين داما     على الأحداث إلا ابني شمام ؟

                                                          قال ابن بري : وروى ابن حمزة هذا البيت :


                                                          وكل أخ مفارقه أخوه     لعمر أبيك إلا ابني شمام

                                                          أبو زيد : يقال لما يبقى على الكباسة من الرطب الشماشم . وقتب شميم أي مرتفع ; وقال خالد بن الصقعب النهدي ، ويقال هو لهبيرة بن عمرو النهدي :


                                                          ملاعبة العنان بغصن بان     إلى كتفين كالقتب الشميم

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية