بسم الله الرحمن الرحيم كتاب في اللقطة باب إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه
2294 حدثنا حدثنا آدم وحدثني شعبة حدثنا محمد بن بشار غندر حدثنا عن شعبة سمعت سلمة قال لقيت سويد بن غفلة رضي الله عنه فقال أبي بن كعب ثم أتيته فقال عرفها حولا فعرفتها فلم أجد ثم أتيته ثلاثا فقال احفظ وعاءها وعددها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها فاستمتعت فلقيته بعد عرفها حولا فعرفتها حولا فلم أجد من يعرفها بمكة فقال لا أدري ثلاثة أحوال أو حولا واحدا أخذت صرة مائة دينار فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال
كتاب في اللقطة
- باب إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة دفع إليه
- باب ضالة الإبل
- باب ضالة الغنم
- باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها
- باب إذا وجد خشبة في البحر أو سوطا أو نحوه
- باب إذا وجد تمرة في الطريق
- باب كيف تعرف لقطة أهل مكة
- باب لا تحتلب ماشية أحد بغير إذنه
- باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه لأنها وديعة عنده
- باب هل يأخذ اللقطة ولا يدعها تضيع حتى لا يأخذها من لا يستحق
- باب من عرف اللقطة ولم يدفعها إلى السلطان
التالي
السابق
[ ص: 94 ] قوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم . كتاب ) كذا اللقطة للمستملي والنسفي ، واقتصر الباقون على البسملة وما بعدها . واللقطة الشيء الذي يلتقط ، وهو بضم اللام وفتح القاف على المشهور عند أهل اللغة والمحدثين ، وقال عياض : لا يجوز غيره وقال في الفائق : اللقطة بفتح القاف والعامة تسكنها . كذا قال ، وقد جزم الزمخشري الخليل بأنها بالسكون قال : وأما بالفتح فهو اللاقط : وقال الأزهري : هذا الذي قاله هو القياس ولكن الذي سمع من العرب وأجمع عليه أهل اللغة والحديث الفتح . وقال : التحريك للمفعول نادر فاقتضى أن الذي قاله ابن بري الخليل هو القياس . وفيها لغتان أيضا : لقاطة بضم اللام ، ولقطة بفتحها . وقد نظم الأربعة ابن مالك حيث قال :
قوله : ( باب دفع إليه ) أورد فيه حديث إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة أبي بن كعب " أصبت صرة [ ص: 95 ] فيها مائة دينار " كذا للمستملي ، " وجدت " وللباقين " أخذت " . ولم يقع في سياقه ما ترجم به صريحا ، وكأنه أشار إلى ما وقع في بعض طرقه كما سيأتي ذكره . وللكشميهني
قوله : ( حدثنا آدم حدثنا شعبة ، وحدثني حدثنا محمد بن بشار غندر حدثنا شعبة ) هكذا ساقه عاليا ونازلا ، والسياق للإسناد النازل . وقد أخرجه من طريق البيهقي آدم مطولا .
قوله : ( فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها ) في رواية حماد بن سلمة وسفيان الثوري عند وزيد بن أنيسة مسلم وأخرجه مسلم والترمذي من طريق والنسائي الثوري ، وأحمد وأبو داود من طريق حماد كلهم عن سلمة بن كهيل في هذا الحديث فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فأعطها إياه . لفظ مسلم . وأما قول أبي داود : إن هذه الزيادة زادها حماد بن سلمة وهي غير محفوظة فتمسك بها من حاول تضعيفها فلم يصب ، بل هي صحيحة ، وقد عرفت من وافق حمادا عليها وليست شاذة . وقد أخذ بظاهرها مالك وأحمد ، وقال أبو حنيفة : إن وقع في نفسه صدقه جاز أن يدفع إليه ، ولا يجبر على ذلك إلا ببينة ، لأنه قد يصيب الصفة . والشافعي
وقال : إن صحت هذه اللفظة لم يجز مخالفتها ، وهي فائدة قوله : " اعرف عفاصها إلخ " وإلا فالاحتياط مع من لم ير الرد إلا بالبينة ، قال : ويتأول قوله : " اعرف عفاصها " على أنه أمره بذلك لئلا تختلط بماله . أو لتكون الدعوى فيها معلومة . وذكر غيره من فوائد ذلك أيضا أن يعرف صدق المدعي من كذبه ، وأن فيه تنبيها على حفظ الوعاء وغيره لأن العادة جرت بإلقائه إذا أخذت النفقة ، وأنه إذا نبه على حفظ الوعاء كان فيه تنبيه على حفظ المال من باب الأولى . قلت : قد صحت هذه الزيادة فتعين المصير إليها ، وسيأتي أيضا في حديث الخطابي زيد بن خالد في آخر أبواب اللقطة ، وما اعتل به بعضهم من أنه إذا وصفها فأصاب فدفعها إليه فجاء شخص آخر فوصفها فأصاب لا يقتضي الطعن في الزيادة ، فإنه يصير الحكم حينئذ كما لو دفعها إليه بالبينة فجاء آخر فأقام بينة أخرى أنها له ، وفي ذلك تفاصيل للمالكية وغيرهم .
وقال بعض متأخري الشافعية : يمكن أن يحمل وجوب الدفع لمن أصاب الوصف على ما إذا كان ذلك قبل التملك . لأنه حينئذ مال ضائع لم يتعلق به حق ثان ، بخلاف ما بعد التملك فإنه حينئذ يحتاج المدعي إلى البينة لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : البينة على المدعي ثم قال : أما إذا صحت الزيادة فتخص صورة الملتقط من عموم البينة على المدعي والله أعلم . وقوله : " احفظ وعاءها وعددها ووكاءها " الوعاء بالمد وبكسر الواو وقد تضم ، وقرأ بها الحسن في قوله : قبل وعاء أخيه وقرأ سعيد بن جبير " إعاء " بقلب الواو المكسورة همزة . والوعاء ما يجعل فيه الشيء سواء كان من جلد أو خزف أو خشب أو غير ذلك . والوكاء بكسر الواو والمد الخيط الذي يشد به الصرة وغيرها . وزاد في حديث زيد بن خالد " العفاص " وسيأتي ذكره وشرحه وحكم هذه العلامات في الباب الذي بعده .
قوله : ( فلقيته بعد بمكة ) القائل شعبة والذي قال : " لا أدري " هو شيخه سلمة بن كهيل ، وقد بينه مسلم من رواية بهز بن أسد عن شعبة أخبرني سلمة بن كهيل واختصر الحديث ، قال شعبة : فسمعته بعد عشر سنين يقول : " عرفها عاما واحدا " . وقد بينه في مسنده أيضا فقال في آخر الحديث " قال أبو داود الطيالسي شعبة فلقيت سلمة بعد ذلك فقال لا أدري ثلاثة أحوال أو حولا واحدا " . وأغرب ابن بطال فقال : [ ص: 96 ] الذي شك فيه هو أبي بن كعب ، والقائل هو انتهى . ولم يصب في ذلك وإن تبعه جماعة منهم سويد بن غفلة المنذري ، بل الشك فيه من أحد رواته وهو سلمة لما استثبته فيه شعبة ، وقد رواه غير شعبة عن سلمة بن كهيل بغير شك جماعة ، وفيه هذه الزيادة ، وأخرجها مسلم من طريق الأعمش والثوري وزيد بن أبي أنيسة كلهم عن وحماد بن سلمة سلمة وقال : قالوا في حديثهم جميعا : ثلاثة أحوال إلا حماد بن سلمة فإن في حديثه عامين أو ثلاثة . وجمع بعضهم بين حديث أبي هذا وحديث زيد بن خالد الآتي في الباب الذي يليه فإنه لم يختلف عليه في الاقتصار على سنة واحدة فقال : يحمل حديث أبي بن كعب على مزيد الورع عن التصرف في اللقطة والمبالغة في التعفف عنها ، وحديث زيد على ما لا بد منه ، أو لاحتياج الأعرابي واستغناء أبي .
قال المنذري : لم يقل أحد من أئمة الفتوى أن اللقطة تعرف ثلاثة أعوام ، إلا شيئا جاء عن عمر انتهى . وقد حكاه عن شواذ من الفقهاء . وحكى الماوردي ابن المنذر عن عمر أربعة أقوال : يعرفها ثلاثة أحوال ، عاما واحدا ، ثلاثة أشهر ، ثلاثة أيام . ويحمل ذلك على عظم اللقطة وحقارتها . وزاد عن ابن حزم عمر قولا خامسا وهو أربعة أشهر . وجزم ابن حزم بأن هذه الزيادة غلط . قال : والذي يظهر أن وابن الجوزي سلمة أخطأ فيها ثم تثبت واستذكر واستمر على عام واحد ، ولا يؤخذ إلا بما لم يشك فيه راويه . وقال : يحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - عرف أن تعريفها لم يقع على الوجه الذي ينبغي ، فأمر أبيا بإعادة التعريف كما قال للمسيء صلاته ارجع فصل فإنك لم تصل انتهى . ولا يخفى بعد هذا على مثل ابن الجوزي أبي مع كونه من فقهاء الصحابة وفضلائهم . وقد حكى صاحب الهداية من الحنفية رواية عندهم أن الأمر في التعريف مفوض لأمر الملتقط ، فعليه أن يعرفها إلى أن يغلب على ظنه أن صاحبها لا يطلبها بعد ذلك ، والله أعلم . وسيأتي بقية الكلام على حديث أبي بن كعب في أواخر أبواب اللقطة قريبا إن شاء الله تعالى .
لقاطة ولقطة ولقطه ولقطة ما لاقط قد لقطه
ووجه بعض المتأخرين فتح القاف في المأخوذ أنه للمبالغة . وذلك لمعنى فيها اختصت به ، وهو أن كل من يراها يميل لأخذها فسميت باسم الفاعل لذلك .قوله : ( باب دفع إليه ) أورد فيه حديث إذا أخبره رب اللقطة بالعلامة أبي بن كعب " أصبت صرة [ ص: 95 ] فيها مائة دينار " كذا للمستملي ، " وجدت " وللباقين " أخذت " . ولم يقع في سياقه ما ترجم به صريحا ، وكأنه أشار إلى ما وقع في بعض طرقه كما سيأتي ذكره . وللكشميهني
قوله : ( حدثنا آدم حدثنا شعبة ، وحدثني حدثنا محمد بن بشار غندر حدثنا شعبة ) هكذا ساقه عاليا ونازلا ، والسياق للإسناد النازل . وقد أخرجه من طريق البيهقي آدم مطولا .
قوله : ( فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها ) في رواية حماد بن سلمة وسفيان الثوري عند وزيد بن أنيسة مسلم وأخرجه مسلم والترمذي من طريق والنسائي الثوري ، وأحمد وأبو داود من طريق حماد كلهم عن سلمة بن كهيل في هذا الحديث فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فأعطها إياه . لفظ مسلم . وأما قول أبي داود : إن هذه الزيادة زادها حماد بن سلمة وهي غير محفوظة فتمسك بها من حاول تضعيفها فلم يصب ، بل هي صحيحة ، وقد عرفت من وافق حمادا عليها وليست شاذة . وقد أخذ بظاهرها مالك وأحمد ، وقال أبو حنيفة : إن وقع في نفسه صدقه جاز أن يدفع إليه ، ولا يجبر على ذلك إلا ببينة ، لأنه قد يصيب الصفة . والشافعي
وقال : إن صحت هذه اللفظة لم يجز مخالفتها ، وهي فائدة قوله : " اعرف عفاصها إلخ " وإلا فالاحتياط مع من لم ير الرد إلا بالبينة ، قال : ويتأول قوله : " اعرف عفاصها " على أنه أمره بذلك لئلا تختلط بماله . أو لتكون الدعوى فيها معلومة . وذكر غيره من فوائد ذلك أيضا أن يعرف صدق المدعي من كذبه ، وأن فيه تنبيها على حفظ الوعاء وغيره لأن العادة جرت بإلقائه إذا أخذت النفقة ، وأنه إذا نبه على حفظ الوعاء كان فيه تنبيه على حفظ المال من باب الأولى . قلت : قد صحت هذه الزيادة فتعين المصير إليها ، وسيأتي أيضا في حديث الخطابي زيد بن خالد في آخر أبواب اللقطة ، وما اعتل به بعضهم من أنه إذا وصفها فأصاب فدفعها إليه فجاء شخص آخر فوصفها فأصاب لا يقتضي الطعن في الزيادة ، فإنه يصير الحكم حينئذ كما لو دفعها إليه بالبينة فجاء آخر فأقام بينة أخرى أنها له ، وفي ذلك تفاصيل للمالكية وغيرهم .
وقال بعض متأخري الشافعية : يمكن أن يحمل وجوب الدفع لمن أصاب الوصف على ما إذا كان ذلك قبل التملك . لأنه حينئذ مال ضائع لم يتعلق به حق ثان ، بخلاف ما بعد التملك فإنه حينئذ يحتاج المدعي إلى البينة لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : البينة على المدعي ثم قال : أما إذا صحت الزيادة فتخص صورة الملتقط من عموم البينة على المدعي والله أعلم . وقوله : " احفظ وعاءها وعددها ووكاءها " الوعاء بالمد وبكسر الواو وقد تضم ، وقرأ بها الحسن في قوله : قبل وعاء أخيه وقرأ سعيد بن جبير " إعاء " بقلب الواو المكسورة همزة . والوعاء ما يجعل فيه الشيء سواء كان من جلد أو خزف أو خشب أو غير ذلك . والوكاء بكسر الواو والمد الخيط الذي يشد به الصرة وغيرها . وزاد في حديث زيد بن خالد " العفاص " وسيأتي ذكره وشرحه وحكم هذه العلامات في الباب الذي بعده .
قوله : ( فلقيته بعد بمكة ) القائل شعبة والذي قال : " لا أدري " هو شيخه سلمة بن كهيل ، وقد بينه مسلم من رواية بهز بن أسد عن شعبة أخبرني سلمة بن كهيل واختصر الحديث ، قال شعبة : فسمعته بعد عشر سنين يقول : " عرفها عاما واحدا " . وقد بينه في مسنده أيضا فقال في آخر الحديث " قال أبو داود الطيالسي شعبة فلقيت سلمة بعد ذلك فقال لا أدري ثلاثة أحوال أو حولا واحدا " . وأغرب ابن بطال فقال : [ ص: 96 ] الذي شك فيه هو أبي بن كعب ، والقائل هو انتهى . ولم يصب في ذلك وإن تبعه جماعة منهم سويد بن غفلة المنذري ، بل الشك فيه من أحد رواته وهو سلمة لما استثبته فيه شعبة ، وقد رواه غير شعبة عن سلمة بن كهيل بغير شك جماعة ، وفيه هذه الزيادة ، وأخرجها مسلم من طريق الأعمش والثوري وزيد بن أبي أنيسة كلهم عن وحماد بن سلمة سلمة وقال : قالوا في حديثهم جميعا : ثلاثة أحوال إلا حماد بن سلمة فإن في حديثه عامين أو ثلاثة . وجمع بعضهم بين حديث أبي هذا وحديث زيد بن خالد الآتي في الباب الذي يليه فإنه لم يختلف عليه في الاقتصار على سنة واحدة فقال : يحمل حديث أبي بن كعب على مزيد الورع عن التصرف في اللقطة والمبالغة في التعفف عنها ، وحديث زيد على ما لا بد منه ، أو لاحتياج الأعرابي واستغناء أبي .
قال المنذري : لم يقل أحد من أئمة الفتوى أن اللقطة تعرف ثلاثة أعوام ، إلا شيئا جاء عن عمر انتهى . وقد حكاه عن شواذ من الفقهاء . وحكى الماوردي ابن المنذر عن عمر أربعة أقوال : يعرفها ثلاثة أحوال ، عاما واحدا ، ثلاثة أشهر ، ثلاثة أيام . ويحمل ذلك على عظم اللقطة وحقارتها . وزاد عن ابن حزم عمر قولا خامسا وهو أربعة أشهر . وجزم ابن حزم بأن هذه الزيادة غلط . قال : والذي يظهر أن وابن الجوزي سلمة أخطأ فيها ثم تثبت واستذكر واستمر على عام واحد ، ولا يؤخذ إلا بما لم يشك فيه راويه . وقال : يحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - عرف أن تعريفها لم يقع على الوجه الذي ينبغي ، فأمر أبيا بإعادة التعريف كما قال للمسيء صلاته ارجع فصل فإنك لم تصل انتهى . ولا يخفى بعد هذا على مثل ابن الجوزي أبي مع كونه من فقهاء الصحابة وفضلائهم . وقد حكى صاحب الهداية من الحنفية رواية عندهم أن الأمر في التعريف مفوض لأمر الملتقط ، فعليه أن يعرفها إلى أن يغلب على ظنه أن صاحبها لا يطلبها بعد ذلك ، والله أعلم . وسيأتي بقية الكلام على حديث أبي بن كعب في أواخر أبواب اللقطة قريبا إن شاء الله تعالى .