الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 149 ] وسئل عن رجل يزرع من كسبه على بقرة بأرض السلطان أو بأرض مقطع ويدفع العشر على الذي له والذي للمقطع . فهل يحل له أن يسرق من وراء المقطع شيئا ؟ أم لا ؟

                التالي السابق


                فأجاب : إذا كان الفلاح مزارعا : مثل أن يعمل بالثلث أو الربع أو النصف فليس عليه أن يعشر إلا نصيبه وأما نصيب المقطع فعشره عليه .

                ومن قال : إن العشر جميعه على الفلاح والمقطع يستحق نصيبه من الزرع فقد خالف إجماع المسلمين ; ولكن للعلماء في المزارعة قولان : أحدهما : أنها باطلة وأن الزرع جميعه لصاحب البذر وعليه العشر جميعه ولرب الأرض قيمة الأرض فمن كان من المقطعين يرى العشر كله على الفلاح فتمام قوله أن يعطيه الزرع كله ويطالبه بقيمة الأرض .

                والقول الثاني - وهو الصحيح الذي مضت به سنة رسول الله [ ص: 150 ] صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين وعليه العمل - أن المزارعة صحيحة .

                فعلى هذا يكون للمقطع نصيبه وعليه زكاة نصيبه وللفلاح نصيبه وعليه زكاته .

                فإذا كانوا يلزمون الفلاح بالعشر الواجب على الجندي فيؤدي العشر على الجندي من مال الجندي كما يظهر ذلك .

                فإن هذا حق بين لا نزاع فيه بين العلماء ; ليس حقا خفيا ولا يمكن الجندي جحده .

                كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند { خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } " فإن وجوب النفقة للزوجة وللولد حق ظاهر لا يمكن أبا سفيان جحده .

                وهذا مثل قوله : { أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك } وفي رواية { إن لنا جيرانا لا يدعون لنا شاذة ولا فاذة إلا أخذوها فإذا قدرنا لهم على شيء .

                أفنأخذه ؟ فقال : أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك
                } لأن الحق هنا خفي لا يفوته الظلم .

                فإذا أخذ شيئا من غير استحقاق ظاهر كان خيانة .

                والله سبحانه أعلم .




                الخدمات العلمية