الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون ( 49 ) فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ( 50 ) )

يقول - تعالى ذكره - : وقال فرعون وملؤه لموسى : ( يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك ) وعنوا بقولهم " بما عهد عندك " : بعهده الذي عهد إليك أنا إن آمنا بك واتبعناك ، كشف عنا الرجز .

كما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله عز وجل ( بما عهد عندك ) قال لئن آمنا ليكشفن عنا العذاب .

إن قال لنا قائل : وما وجه قيلهم يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك ، وكيف سموه ساحرا وهم يسألونه أن يدعو لهم ربه ليكشف عنهم العذاب ؟ قيل : إن الساحر كان عندهم معناه : العالم ، ولم يكن السحر عندهم ذما ، وإنما دعوه بهذا الاسم ، لأن معناه عندهم كان : يا أيها العالم .

وقوله : ( إننا لمهتدون ) يقول : قالوا : إنا لمتبعوك فمصدقوك فيما جئتنا [ ص: 616 ] به ، وموحدوا الله فمبصروا سبيل الرشاد .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون ) قال : قالوا يا موسى : ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك .

وقوله : ( فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ) يقول - تعالى ذكره - : فلما رفعنا عنهم العذاب الذي أنزلنا بهم ، الذي وعدوا أنهم إن كشف عنهم اهتدوا لسبيل الحق ، إذا هم بعد كشفنا ذلك عنهم ينكثون العهد الذي عاهدونا : يقول : يغدرون ويصرون على ضلالهم ، ويتمادون في غيهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( إذا هم ينكثون ) : أي يغدرون .

التالي السابق


الخدمات العلمية