الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين

                                                                                                                                                                                                                                      قل توبيخا لهم وتبكيتا. أرأيتم أخبروني وقرئ "أرأيتكم". ما تدعون ما تعبدون. من دون الله من الأصنام. أروني تأكيد لأرأيتم. ماذا خلقوا من الأرض بيان للإبهام في ماذا. أم لهم شرك أي: شركة مع الله تعالى. في السماوات أي: في خلقها أو ملكها وتدبيرها حتى يتوهم أن يكون لهم شائبة استحقاق للمعبودية فإن ما لا مدخل له في وجود [ ص: 78 ] شيء من الأشياء بوجه من الوجوه فهو بمعزل من ذلك الاستحقاق بالمرة وإن كان من الأحياء العقلاء فما ظنكم بالجماد. وقوله تعالى: ائتوني بكتاب ...إلخ تبكيت لهم بتعجيزهم عن الإتيان بسند نقلي بعد تبكيتهم بالتعجيز عن الإتيان بسند عقلي أي: ائتوني بكتاب إلهي كائن. من قبل هذا الكتاب أي: القرآن الناطق بالتوحيد وإبطال الشرك دال على صحة دينكم. أو أثارة من علم أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين شاهدة باستحقاقهم للعبادة. إن كنتم صادقين في دعواكم فإنها لا تكاد تصح ما لم يقم عليها برهان عقلي أو سلطان نقلي وحيث لم يقم عليها شيء منهما وقد قامت على خلافها أدلة العقل والنقل تبين بطلانها، وقرئ "إثارة" بكسر الهمزة أي: مناظرة، فإنها تثير المعاني و"أثرة" أي: شيء أوثرتم به وخصصتم من علم مطوي من غيركم و"إثرة" بالحركات الثلاث مع سكون الثاء; أما المكسورة فبمعنى الأثرة وأما المفتوحة فهي المرة من أثر الحديث أي: رواه وأما المضمومة فاسم ما يؤثر كالخطبة التي هي اسم ما يخطب به.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية