الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان التقدير للدلالة على الختم على مشاعرهم، فقد قالوا مع اعترافهم بتفرده تعالى بخلقهم ورزقهم وخلق جميع الموجودات في إنكار الوحدانية: إن له شركاء، عطف عليه قوله: وقالوا أي: في إنكارهم البعث مع اعترافهم بأنه قادر على كل شيء ومعرفتهم أنه قد وعد بذلك في الأساليب المعجزة وأنه لا يليق بحكيم أصلا أن يدع من تحت يده يتهارجون من غير حكم بينهم: ما هي أي: الحياة إلا حياتنا أي: أيها الناس الدنيا أي: هذه التي نحن فيها مع أن تذكر مدلول هذا الوصف الذي هو أمر نسي لا يعقل إلا بالإضافة إلى حياة أخرى بعدى كاف في إثبات البعث.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما أثبتوا بادعائهم الباطل هذه الحياة أتبعوها حالها فقالوا: [ ص: 99 ] نموت ونحيا أي: تنزع الروح من بعض فيموت، وتنفخ في [بعض] آخر فيحيا، وليس وراء الموت حياة أخرى للذي مات، فقد أسلخوا أنفسهم بهذا القول من الإنسانية إلى البهيمية لوقوفهم مع الجزئيات، ولما كان هلاكهم في زعمهم لا آخر له، عدوا الحياة في جنبه عدما فلم يذكروها وقالوا بجهلهم: وما يهلكنا أي: بعد هذه الحياة إلا الدهر أي: الزمان الطويل بغلبته علينا بتجدد إقباله وتجدد إدبارنا بنزول الأمور المكروهة بنا، من دهره - إذا غلبه. ولما أسند إليهم هذا القول الواهي، بين حالهم عند قوله فقال تعالى: وما أي: قالوه والحال أنه ما لهم بذلك أي: القول البعيد من الصواب وهو أنه لا حياة بعد هذه، وأن الهلاك منسوب إلى الدهر على أنه مؤثر بنفسه، وأغرق في النفي فقال: من علم أي: كثير ولا قليل إن أي: ما هم إلا يظنون بقرينة أن الإنسان كلما تقدم في السن ضعف، وأنه لم يرجع أحد من الموتى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية