الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد مكناهم أي: قررنا عادا أو أقدرناهم و"ما" في قوله تعالى: فيما إن مكناكم فيه موصولة أو موصوفة و"إن" نافية أي: في الذي أو في شيء ما مكناكم فيه من السعة والبسطة وطول الأعمار وسائر مبادي التصرفات كما في قوله تعالى: ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم ، ومما يحسن [ ص: 87 ] موقع "إن" ههنا التفصي عن تكرر لفظة ما وهو الداعي إلى قلب ألفها هاء في مهما وجعلها شرطية أو زائدة مما لا يليق بالمقام. وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة ليستعملوها فيما خلقت له ويعرفوا بكل منها ما نيطت به معرفته من فنون النعم ويستدلوا بها على شؤون منعهما عز وجل ويداوموا على شكره. فما أغنى عنهم سمعهم حيث لم يستعملوه في استماع الوحي ومواعظ الرسل. ولا أبصارهم حيث لم يجتلوا بها الآيات التكوينية المنصوبة في صحائف العلم. ولا أفئدتهم حيث لم يستعملوها في معرفة الله تعالى. من شيء أي: شيئا من الإغناء و"من" مزيدة للتأكيد وقوله تعالى: إذ كانوا يجحدون بآيات الله متعلق بـ"ما أغنى" وهو ظرف جرى مجرى التعليل من حيث إن الحكم مرتب على ما أضيف إليه فإن قولك: "أكرمته إذ أكرمني" في قوة قولك: "أكرمته لإكرامه إذا أكرمته وقت إكرامه" فإنما أكرمته فيه لوجود إكرامه فيه كذا الحال في حيث. وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون من العذاب الذي كانوا يستعجلونه بطريق الاستهزاء ويقولون: فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية