الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وكتبنا له في الألواح الآية في وكتبنا له قولان: أحدهما: فرضنا ، كقوله تعالى: كتب عليكم الصيام [البقرة: 183] أي فرض. والثاني: أنه كتابة خط بالقلم في ألواح أنزلها الله عليه. واختلفوا في الألواح من أي شيء كانت على أربعة أقاويل: [ ص: 260 ] أحدها: أنها كانت من زمرد أخضر ، قاله مجاهد . والثاني: أنها كانت من ياقوت ، قاله ابن جبير. والثالث: أنها كانت من زبرجد ، قاله أبو العالية . والرابع: قاله الحسن كانت الألواح من خشب ، واللوح مأخوذ من أن المعاني تلوح بالكتابة فيه. وفي قوله: من كل شيء قولان: أحدهما: من كل شيء يحتاج إليه في دينه من الحلال والحرام والمباح والمحظور والواجب وغير الواجب. والثاني: كتب له التوراة فيها من كل شيء من الحكم والعبر. وفي قوله: موعظة وتفصيلا تأويلان: أحدهما: أن الموعظة النواهي ، والتفصيل: الأوامر ، وهو معنى قول الكلبي. والثاني: الموعظة: الزواجر ، والتفصيل: الأحكام ، وهو معنى قول مقاتل. قال: وكانت سبعة ألواح. فخذها بقوة فيه أربعة أقاويل: أحدها: بجد واجتهاد قاله السدي . والثاني: بطاعة ، قاله الربيع بن أنس . والثالث: بصحة عزيمة ، قاله علي بن عيسى. والرابع: بشكر ، قاله جويبر. وأمر قومك يأخذوا بأحسنها لم يقل ذلك لأن فيها غير حسن ، وفيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن أحسنها: المفروضات ، وغير الأحسن: المباحات. والثاني: أنه الناسخ دون المنسوخ. [ ص: 261 ] والثالث: أن فعل ما أمر به أحسن من ترك ما نهي عنه لأن العمل أثقل من الترك وإن كان طاعة. سأريكم دار الفاسقين فيها أربعة أقاويل: أحدها: هي جهنم ، قاله الحسن ، ومجاهد . والثاني: هي منازل من هلك بالتكذيب من عاد وثمود والقرون الخالية ، لتعتبروا بها وبما صاروا إليه من النكال ، قاله قتادة . والثالث: أنها منازل سكان الشام الجبابرة والعمالقة. والرابع: أنها دار فرعون وهي مصر. وقرأ قسامة بن زهير: (سأورثكم).

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية