الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شول

                                                          شول : شالت الناقة بذنبها تشوله شولا وشولانا وأشالته واستشالته أي رفعته ; قال النمر بن تولب يصف فرسا :


                                                          جموم الشد شائلة الذنابى تخال بياض غرتها سراجا

                                                          وشال ذنبها أي ارتفع ; قال أحيحة بن الجلاح :


                                                          تأبري يا خيرة الفسيل     تأبري من حنذ فشولي

                                                          أي ارتفعي . المحكم : وشال الذنب نفسه ; قال أبو النجم :


                                                          كأن في أذنابهن الشول     من عبس الصيف قرون الإيل

                                                          ويروى الشيل والشيل على ما يطرد في هذا النحو من بنات الواو عند الكسائي ، رواه عنه اللحياني . والشائلة من الإبل : التي أتى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر فخف لبنها ، والجمع شول ; قال الحارث بن حلزة :


                                                          لا تكسع الشول بأغبارها     إنك لا تدري من الناتج

                                                          وقوله أنشده سيبويه :


                                                          من لد شولا فإلى إتلائها

                                                          فسر وجه نصبه ودخول لد عليها ، فقال : نصب لأنه أراد زمانا ، والشول لا يكون زمانا ولا مكانا ، فيجوز فيها الجر كقولك : من لد صلاة العصر إلى وقت كذا ، وكقولك : من لد الحائط إلى مكان كذا ، فلما أراد الزمان حمل الشول على شيء يحسن أن يكون زمانا إذا عمل في الشول ، ولم يحسن الابتداء كما لم يحسن ابتداء الأسماء بعد إن حتى أضمرت ما يحسن أن يكون بعدها عاملا في الأسماء ، فكذلك هذا ، فكأنك قلت من لد أن كانت شولا إلى إتلائها ، قال : وقد جره قوم على سعة الكلام وجعلوه بمنزلة المصدر حين جعلوه على الحين ، وإنما يريد حين كذا وكذا ، وإن لم يكن في قوة المصدر ; لأنها لا تتصرف تصرفها ، وأشوال جمع الجمع . التهذيب : الشول من النوق التي خف لبنها وارتفع ضرعها ، وأتى عليها سبعة أشهر من يوم نتاجها أو ثمانية فلم يبق في ضروعها إلا شول من اللبن أي بقية مقدار ثلث ما كانت تحلب حدثان نتاجها ، واحدتها شائلة ، وهو جمع على غير قياس . وفي حديث نضلة بن عمرو : فهجم عليه شوائل له فسقاه من ألبانها ، هو جمع شائلة ، وهي الناقة التي شال لبنها أي ارتفع ، وتسمى الشول أي ذات شول ; لأنه لم يبق في ضرعها إلا شول من لبن أي بقية . وفي حديث علي كرم الله وجهه : فكأنكم بالساعة تحدوكم حدو الزاجر بشوله أي الذي يزجر إبله لتسير ، وقيل : الشول من الإبل التي نقصت ألبانها ، وذلك إذا فصل ولدها عند طلوع سهيل فلا تزال شوالا حتى يرسل فيها الفحل . وشول لبنها : نقص ، وشولت هي : خفت ألبانها وقلت ، وهي الشول . وقد شولت الإبل أي صارت ذات شول من اللبن ، كما يقال : شولت المزادة إذا قل ما بقي فيها من الماء . الجوهري : شولت الناقة ، [ ص: 165 ] بالتشديد ، أي صارت شائلة ; وقول الشاعر :


                                                          حتى إذا ما العشر عنها شولا

                                                          يعني ذهب وتصرم ، قال : والشائل بلا هاء الناقة التي تشول بذنبها للقاح ولا لبن لها أصلا ، والجمع شول مثل راكع وركع ; وأنشد شعر أبي النجم :


                                                          كأن في أذنابهن الشول

                                                          وشولت الإبل : لحقت بطونها بظهورها . وقال بعضهم : يقال للتي شالت بذنبها شائل ، وللتي شال لبنها شائلة . قال ابن سيده : وهو ضد القياس ; لأن الهاء تثبت في التي يشول لبنها ولا حظ للذكر فيه ، وأسقطت من التي تشول ذنبها ، والذكر يشول ذنبه ، وإن لم يكن من مذهب سيبويه ، وكل ما ارتفع شائل . التهذيب : وأما الناقة الشائل بغير هاء ، فهي اللاقح التي تشول بذنبها للفحل أي ترفعه فذلك آية لقاحها ، وترفع مع ذلك رأسها وتشمخ بأنفها ، وهي حينئذ شامذ ، وقد شمذت شماذا ، وجمع الشائل والشامذ من النوق شول وشمذ ، وهي العاسر أيضا ، وقد عسرت عسارا ; قال الأزهري : أكثر هذا القول مسموع عن العرب صحيح ، وقد روى أبو عبيد عن الأصمعي أكثره ، إلا أنه قال : إذا أتى على الناقة من يوم حملها سبعة أشهر ، كما ذكرناه ، اللهم إلا أن تحمل الناقة كشافا ، وهو أن يضربها الفحل بعد نتاجها بأيام قلائل ، وهي كشوف حينئذ ، وهو أردأ النتاج . وشال الميزان : ارتفعت إحدى كفتيه . ويقال : شال ميزان فلان يشول شولانا ، وهو مثل في المفاخرة ، يقال : فاخرته فشال ميزانه أي فخرته بآبائي وغلبته ; قال ابن بري : ومنه قول الأخطل :


                                                          وإذا وضعت أباك في ميزانهم     رجحوا وشال أبوك في الميزان

                                                          وشالت العقرب بذنبها : رفعته . وشولة وشوالة : العقرب اسم علم لها . وشولة العقرب : ما شال من ذنبها والعقرب تشول بذنبها ; وأنشد :


                                                          كذنب العقرب شوال علق

                                                          وقال شمر : شوكة العقرب التي تضرب بها تسمى الشولة والشباة والشوكة والإبرة ; قال أبو منصور : وبها سميت إحدى منازل القمر في برج العقرب شولة تشبيها بها ; لأن البرج كله على صورة العقرب . والشولة : منزلة ، وهي كوكبان نيران متقابلان ينزلهما القمر ، يقال لهما حمة العقرب . أبو عمرو : أشلت الحجر وشلت به . الجوهري : شلت بالجرة أشول بها شولا رفعتها ولا تقل شلت ، ويقال أيضا أشلت الجرة فانشالت هي ; وقال الأسدي :


                                                          أئبلي تأكلها مصنا     خافض سن ومشيلا سنا

                                                          أي يأخذ بنت لبون فيقول هذه بنت مخاض فقد خفضها عن سنها التي هي فيها ، وتكون له بنت مخاض فيقول لي بنت لبون ، فقد رفع السن التي هي له إلى سن أخرى أعلى منها ، وتكون له بنت لبون فيأخذ حقة ; وقال الراجز :


                                                          حتى إذا اشتال سهيل في السحر

                                                          واشتال هنا : بمعنى شال ، مثل ارتوى بمعنى روي . المحكم : وأشال الحجر وشال به وشاوله رفعه . والمشوال : حجر يشال ; عن اللحياني . اليزيدي : أشلت المشولة ، فأنا أشيلها إشالة وشلت بها أشول شولا وشولانا ، قال : والمشولة التي يلعب بها . وشال السائل يديه إذا رفعهما يسأل بهما ; وأنشد :


                                                          وأعسر الكف سأآلا بها شولا

                                                          قال : وأما قول الأعشى :


                                                          شاو مشل شلول شلشل شول

                                                          فالشول الذي يشول بالشيء الذي يشتريه صاحبه أي يرفعه . ورجل شول أي خفيف في العمل والخدمة مثل شلشل . المحكم : والشول الخفيف . وشاوله وشاول به : دافع ; قال عبد الرحمن بن الحكم :


                                                          فشاول بقيس في الطعان ولا تكن     أخاها إذا ما المشرفية سلت

                                                          وشالت نعامته : خف وغضب ثم سكن . وشالت نعامة القوم : خفت منازلهم منهم . ويقال للقوم إذا خفوا ومضوا : شالت نعامتهم . وشالت نعامتهم إذا تفرقت كلمتهم . وشالت نعامتهم إذا ذهب عزهم ، وفي حديث ابن ذي يزن :

                                                          أتى هرقلا وقد شالت نعامتهم فلم يجد عنده النصر الذي سالا يقال : شالت نعامتهم إذا ماتوا وتفرقوا كأنهم لم يبق منهم إلا بقية ، والنعامة الجماعة . والشول : بقية الماء في السقاء والدلو ، وقيل : هو الماء القليل يكون في أسفل القربة والمزادة . وفي المثل : ما ضر نابا شولها المعلق ; يضرب ذلك للذي يؤمر أن يأخذ بالحزم وأن يتزود ، وإن كان يصير إلى زاد ; ومثل هذا المثل : عش ولا تغتر أي تعش ولا تتكل أنك تتعشى عند غيرك ، والجمع أشوال ، قال الأعشى :


                                                          حتى إذا لمع الدليل بثوبه     سقيت وصب رواتها أشوالها

                                                          وشول في القربة : أبقى فيها شولا . وشول الماء : قل . وشولت المزادة وجزعت إذا بقي فيها جزعة من الماء ، ولا يقال شالت المزادة ، كما يقال درهم وازن أي ذو وزن ، ولا يقال وزن الدرهم . وفرس مشيال الخلق أي مضطرب الخلق . ابن السكيت : من أمثالهم في الذي ينصح القوم : أنت شولة الناصحة ، قال : وكانت أمة لعدوان رعناء تنصح لمواليها فتعود نصيحتها وبالا عليها لحمقها . وقال ابن الأعرابي : الشولة الحمقاء . أبو زيد : تشاول القوم تشاولا إذا تناول بعضهم بعضا عند القتال بالرماح ، والمشاولة مثله ; قال ابن بري : ومنه قول عبد الرحمن بن الحكم : فشاول بقيس في الطعان . والمشول : منجل صغير . والشويلاء : نبت من نجيل السباخ ، قال أبو حنيفة : هي من العشب ، ومنابتها السهل ، وهي معروفة يتداوى بها ، قال : ولم يحضرني صفتها . والشويلاء أيضا : موضع . والشويلة والشولاء ، الأولى على فعيلة مثل كريمة ، والثاني على فعلاء مثل رحضاء : [ ص: 166 ] موضعان . وشوال : من أسماء الشهور معروف ، اسم الشهر الذي يلي شهر رمضان ، وهو أول أشهر الحج ، قيل : سمي بتشويل لبن الإبل ، وهو توليه وإدباره ، وكذلك حال الإبل في اشتداد الحر ، وانقطاع الرطب ، وقال الفراء : سمي بذلك لشولان الناقة فيه بذنبها . والجمع شواويل على القياس وشواول على طرح الزائد وشوالات ، وكانت العرب تطير من عقد المناكح فيه ، وتقول : إن المنكوحة تمتنع من ناكحها ، كما تمتنع طروقة الجمل إذا لقحت وشالت بذنبها ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم طيرتهم . وقالت عائشة رضي الله عنها : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال ، وبنى بي في شوال ، فأي نسائه كان أحظى عنده مني ؟ وامرأة شوالة : نمامة ، قال الراجز :


                                                          ليست بذات نيرب شواله

                                                          والأشول : رجل ، قال ابن الأعرابي : هو أبو سماعة بن الأشول النعامي هذا الشاعر المعروف يعني بالشاعر المعروف سماعة . وشوال : اسم رجل ، وهو شوال بن نعيم . وشولة : فرس زيد الفوارس الضبي ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية