الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شوا

                                                          شوا : ناقة شوشاة مثل الموماة وشوشاء : سريعة ، فأما قول أبي الأسود :


                                                          على ذات لوث أو بأهوج شوشو صنيع نبيل يملأ الرحل كاهله

                                                          فقد يجوز أن يريد شوشوي كأحمر وأحمري . قال ابن بري : والشوشاة المرأة الكثيرة الحديث ، قال ابن أحمر :


                                                          ليست بشوشاة الحديث ولا     فتق مغالبة على الأمر

                                                          والشي : مصدر شويت ، والشواء الاسم . وشوى اللحم شيا فانشوى واشتوى ; قال الجوهري : ولا تقل اشتوى ، وقال :


                                                          قد انشوى شواؤنا المرعبل     فاقتربوا إلى الغداء فكلوا

                                                          قال ابن بري : وأجاز سيبويه أن يقال شويت اللحم فانشوى واشتوى ، ومنه قول الراجز يصف كماة جناها :


                                                          أجني البكار الحو من أكميها     تملأ ثنتاها يدي طاهيها
                                                          قادرها راض ومشتويها

                                                          وهو الشواء والشوي ; حكاه ثعلب ; وأنشد :


                                                          ومحسبة قد أخطأ الحق غيرها     تنفس عنها حينها ، فهي كالشوي

                                                          وتفسير هذا البيت مذكور في ترجمة حسب ، والقطعة منه شواءة ; وأنشد :


                                                          وانصب لنا الدهماء طاهي وعجلن     لنا بشواة مرمعل ذؤوبها

                                                          واشتوى القوم : اتخذوا شواء ; وقال لبيد :


                                                          وغلام أرسلته أمه     بألوك فبذلنا ما سأل
                                                          أو نهته فأتاه رزقه     فاشتوى ليلة ريح واجتمل

                                                          وشواهم وأشواهم : أطعمهم شواء . وأشواه لحما : أطعمه إياه . وقال أبو زيد : شوى القوم ، وأشواهم أعطاهم لحما طريا يشتوون منه تقول : أشويت أصحابي إشواء إذا أطعمتهم شواء ، وكذلك شويتهم تشوية ، واشتوينا لحما في حال الخصوص ، وحكى الكسائي عن بعضهم : الشواء يريد الشواء ; وأنشد :


                                                          ويخرج للقوم الشواء يجره     بأقصى عصاه منضجا أو ملهوجا

                                                          قال أبو بكر : والعرب تقول نضج الشواء ، بضم الشين ، يريدون الشواء . والشواية القطعة من اللحم ، وقيل : شواية الشاة ما قطعه الجازر من أطرافها . والشواية بالضم : الشيء الصغير من الكبير كالقطعة من الشاة . وتعشى فلان فأشوى من عشائه أي أبقى منه بقية . ويقال : ما بقي من الشاة إلا شواية . وشواية الخبز : القرص منه . وأشوى القمح : أفرك وصلح أن يشوى ، وقد يستعمل ذلك في تسخين الماء ; وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          بتنا عذوبا وبات البق يلسبنا     نشوي القراح كأن لا حي في الوادي

                                                          نشوي القراح أي نسخن الماء فنشربه ; لأنه إذا لم يسخن قتل من البرد أو آذى ، وذلك إذا شرب على غير ثفل أو غذاء . ابن الأعرابي : شويت الماء إذا سخنته . وفي الحديث : لا تنقض الحائض شعرها إذا أصاب الماء شوى رأسها أي جلده . والشواة : جلدة الرأس ; وقول أبي ذؤيب :


                                                          على إثر أخرى قبلها قد أتت لها     إليك فجاءت مقشعرا شواتها

                                                          أراد : المآلك التي هي الرسائل ، فاستعار لها الشواة ولا شواة لها في الحقيقة ، وإنما الشوى للحيوان ، وقيل : هي القائمة ، والجمع شوى ، وقيل : الشوى اليدان والرجلان ، وقيل : اليدان والرجلان والرأس من الآدميين وكل ما ليس مقتلا . وقال بعضهم : الشوى جماعة الأطراف . وشوى الفرس : قوائمه . يقال : عبل الشوى ، ولا يكون هذا للرأس لأنهم وصفوا الخيل بأسالة الخدين وعتق الوجه ، وهو رقته ; وقول الهذلي :


                                                          إذا هي قامت تقشعر شواتها     وتشرف بين الليت منها إلى الصقل

                                                          أراد ظاهر الجلد كله ، ويدل على ذلك قوله بين الليت منها إلى الصقل أي من أصل الأذن إلى الخاصرة . ورماه فأشواه أي أصاب شواه ولم يصب مقتله ; قال الهذلي :


                                                          فإن من القول التي لا شوى     لها إذا زل عن ظهر اللسان انفلاتها

                                                          يقول : إن من القول كلمة لا تشوي ولكن تقتل ، والاسم منه الشوى ; قال عمرو ذو الكلب :


                                                          فقلت خذها لا شوى ولا شرم

                                                          ثم استعمل في كل من أخطأ غرضا ، وإن لم يكن له شوى ولا مقتل . الفراء في قوله تعالى : كلا إنها لظى نزاعة للشوى ; قال : الشوى اليدان والرجلان وأطراف الأصابع وقحف الرأس ، وجلدة الرأس يقال لها شواة ، وما كان غير مقتل ، فهو شوى ، وقال الزجاج : الشوى جمع الشواة ، وهي جلدة الرأس ; وأنشد :


                                                          قالت قتيلة ما له     قد جللت شيبا شواته

                                                          قال أبو عبيد : أنشدها أبو الخطاب الأخفش أبا عمرو بن العلاء فقال له : صحفت ، إنما هو سراته أي نواحيه ، فسكت أبو الخطاب [ ص: 169 ] الأخفش ، ثم قال لنا : بل هو صحف ، إنما هو شواته ، وقوله أنشده أبو العميثل الأعرابي :


                                                          كأن لدى ميسورها متن حية     تحرك مشواها ومات ضريبها

                                                          فسره فقال : المشوى الذي أخطأه الحجر ، وذكر زمام ناقة شبه ما كان معلقا منه بالذي لم يصبه الحجر من الحية فهو حي ، وشبه ما كان بالأرض غير متحرك بما أصابه الحجر منها فهو ميت . والشوية والشوى : المقتل ; عن ثعلب . والشوى : الهين من الأمر . وفي حديث مجاهد : كل ما أصاب الصائم شوى إلا الغيبة والكذب ، فهي له كالمقتل ; قال يحيى بن سعيد : الشوى هو الشيء اليسير الهين ، قال : وهذا وجهه ، وإياه أراد مجاهد ولكن الأصل في الشوى الأطراف ، وأراد أن الشوى ليس بمقتل ، وأن كل شيء أصابه الصائم لا يبطل صومه ، فيكون كالمقتل له إلا الغيبة والكذب ، فإنهما يبطلان الصوم فهما كالمقتل له ; وقول أسامة الهذلي :


                                                          تالله ما حبي عليا بشوى

                                                          أي ليس حبي إياه خطأ بل هو صواب . والشواية والشواية : البقية من المال أو القوم الهلكى . والشوية : بقية قوم هلكوا ، والجمع شوايا ; وقال :


                                                          فهم شر الشوايا من ثمود     وعوف شر منتعل وحاف

                                                          وأشوى من الشيء : أبقى ، والاسم الشوى ، قال الهذلي :


                                                          فإن من القول التي لا شوى لها     إذا ذل عن ظهر اللسان انفلاتها

                                                          يعني لا إبقاء لها ، وقال غيره : لا خطأ لها ، وقال الكميت :


                                                          أجيبوا رقى الآسي النطاسي واحذروا     مطفئة الرضف التي لا شوى لها

                                                          أي لا برء لها . والإشواء : يوضع موضع الإبقاء حتى قال بعضهم تعشى فلان فأشوى من عشائه أي أبقى بعضا ، وأنشد بيت الكميت ; وقال أبو منصور : هذا كله من إشواء الرامي ، وذلك إذا رمى فأصاب الأطراف ولم يصب المقتل فيوضع الإشواء موضع الخطأ والشيء الهين ; وأنشد ابن بري للبريق الهذلي :


                                                          وكنت إذا الأيام أحدثن هالكا     أقول شوى ما لم يصبن صميمي

                                                          وفي حديث عبد المطلب : كان يرى أن السهم إذا أخطأه فقد أشوى ; يقال : رمى فأشوى إذا لم يصب المقتل . قال أبو بكر : الشوى جلدة الرأس . والشوى : إخطاء المقتل . والشوى : اليدان والرجلان . والشوى : رذال المال . ويقال : كل شيء شوى أي هين ما سلم لك دينك . والشوى : رذال الإبل والغنم ، وصغارها شوى ; قال الشاعر :


                                                          أكلنا الشوى حتى إذا لم ندع شوى     أشرنا إلى خيراتها بالأصابع
                                                          وللسيف أحرى أن تباشر حده     من الجوع لا يثنى عليه المضاجع

                                                          يقول : إنه نحر ناقة في حطمة أصابتهم ، وهي السنة المجدبة ، يقول : نحر الناقة خير من الجوع وأحرى ، وفي تباشر ضمير الناقة . وشواية الإبل والغنم وشوايتهما رديئهما ; كلتاهما عن اللحياني . وأشوى الرجل وشوشى وشوشم وأشرى إذا اقتنى النقز من رديء المال . والشاة : التي يصعد بها النخل فهو المصعاد ، وهو الشوائي ، قال : وهو الذي يقال له التبليا ، وهو الكر بالعربية . والشاوي : صاحب الشاء ; وقال مبشر بن هذيل الشمخي :


                                                          بل ورب خرق نازح فلاته لا ينفع الشاوي فيها شاته     ولا حماراه ولا علاته

                                                          والشوي : جمع شاة ، قال الراجز :


                                                          إذا الشوي كثرت ثوائجه     وكان من تحت الكلى مناتجه

                                                          أي تموت الغنم من شدة الجدب فتشق بطونها وتخرج منها أولادها . وفي حديث الصدقة : وفي الشوي في كل أربعين واحدة ; الشوي : اسم جمع للشاة ، وقيل : هو جمع لها نحو كلب وكليب ; ومنه كتابه لقطن بن حارثة : وفي الشوي الوري مسنة . وفي حديث ابن عمر : أنه سئل عن المتعة أتجزي فيها شاة ؟ فقال : ما لي وللشوي أي الشاء ، وكان مذهبه أن المتمتع بالعمرة إلى الحج تجب عليه بدنة . وجاء بالعي والشي : إتباع ، واو الشي مدغمة في يائها . قال ابن سيده : وإنما قلنا إن واوها مدغمة في يائها لما يذكر من قولهم شوي ، وعيي وشوي وشيي معاقبة ، وما أعياه وأشواه وأشياه . الكسائي : يقال فلان عيي شيي إتباع له ، وبعضهم يقول شوي ، يقال : هو عوي شوي . وفي حديث ابن عمر : أنه قال لابن عباس هذا الغلام الذي لم يجتمع شوى رأسه يريد شئونه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية