الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شيد

                                                          شيد : الشيد بالكسر : كل ما طلي به الحائط من جص أو ملاط ، وبالفتح : المصدر تقول : شاده يشيده شيدا : جصصه . وبناء مشيد : معمول بالشيد . وكل ما أحكم من البناء ، فقد شيد . وتشييد البناء : إحكامه ورفعه . قال : وقد يسمي بعض العرب الحضر شيدا . والمشيد : المبني بالشيد ; وأنشد :


                                                          شاده مرمرا وجلله كل سا فللطير في ذاره وكور

                                                          قال أبو عبيد : البناء المشيد بالتشديد المطول . وقال الكسائي : المشيد للواحد ، والمشيد للجمع ; حكاه أبو عبيد عنه ; قال ابن سيده : والكسائي يجل عن هذا . غيره : المشيد المعمول بالشيد . قال الله تعالى : وقصر مشيد . وقال سبحانه : في بروج مشيدة قال الفراء : يشدد ما كان في جمع مثل قولك مررت بثياب مصبغة وكباش مذبحة ، فجاز التشديد ; لأن الفعل متفرق في جمع ، فإذا أفردت الواحد من ذلك ، فإن كان الفعل يتردد في الواحد ويكثر جاز فيه التشديد والتخفف ، مثل قولك : مررت برجل مشجج وبثوب مخرق ، وجاز التشديد ; لأن افعل قد تردد فيه وكثر . ويقال : مررت بكبش مذبوح ، ولا تقل مذبح ، فإن الذبح لا يتردد كتردد التخرق . وقوله : وقصر مشيد ; يجوز فيه التشديد لأن التشييد بناء والبناء يتطاول ويتردد ، ويقاس على هذا ما ورد . وحكى الجوهري أيضا قول الكسائي في أن المشيد للواحد والمشيد للجمع ، وذكر قوله تعالى : وقصر مشيد للواحد ، بروج مشيدة ، للجمع ; قال ابن بري : هذا ، وهم من الجوهري على الكسائي ; لأنه إنما قال مشيدة ، بالهاء ، فأما مشيد ، فهو من صفة الواحد وليس من صفة الجمع ، قال : وقد غلط الكسائي في هذا القول ، فقيل المشيد المعمول بالشيد ، وأما المشيد فهو المطول ، يقال : شيدت البناء إذ طولته ، قال : فالمشيدة على هذا جمع مشيد لا مشيد ، قال : وهذا الذي ذكره الراد على الكسائي هو المعروف في اللغة ; قال : وقد يتجه عندي قول الكسائي على مذهب من يرى أن قولهم مشيدة أي مجصصة بالشيد ، فيكون مشيد ومشيد بمعنى ، إلا أن مشيدا لا تدخله الهاء للجماعة فيقال قصور مشيدة ، وإنما يقال قصور مشيدة ، فيكون من باب ما يستغنى فيه عن اللفظة بغيرها ، كاستغنائهم بترك عن ودع ، وكاستغنائهم عن واحدة المخاض بقولهم خلفة ، فعلى هذا يتجه قول الكسائي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية