الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين

                                                                                                                                                                                                                                        وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة السكنى من السكون لأنها استقرار ولبث، و أنت تأكيد أكد به المستكن ليصح العطف عليه، وإنما لم يخاطبهما أولا تنبيها على أنه المقصود بالحكم والمعطوف عليه تبع له. والجنة دار الثواب، لأن اللام للعهد ولا معهود غيرها. ومن زعم أنها لم تخلق بعد قال إنه بستان كان بأرض فلسطين، أو بين فارس وكرمان خلقه الله تعالى امتحانا لآدم، وحمل الإهباط على الانتقال منه إلى أرض الهند كما في قوله تعالى: اهبطوا مصرا وكلا منها رغدا واسعا رافها، صفة مصدر محذوف.

                                                                                                                                                                                                                                        حيث شئتما أي مكان من الجنة شئتما، وسع الأمر عليهما إزاحة للعلة، والعذر في التناول من الشجرة المنهي عنها من بين أشجارها الفائتة للحصر.

                                                                                                                                                                                                                                        ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فيه مبالغات، تعليق النهي بالقرب الذي هو من مقدمات التناول مبالغة في تحريمه، ووجوب الاجتناب عنه، وتنبيها على أن القرب من الشيء يورث داعية، وميلا يأخذ بمجامع القلب ويلهيه عما هو مقتضى العقل والشرع، كما روي « حبك الشيء يعمي ويصم »

                                                                                                                                                                                                                                        فينبغي أن لا يحوما حول ما حرم الله عليهما مخافة أن يقعا فيه، وجعله سببا لأن يكونا من الظالمين الذين ظلموا أنفسهم بارتكاب المعاصي، أو بنقص حظهما بالإتيان بما يخل بالكرامة والنعيم، فإن الفاء تفيد السببية سواء جعلت للعطف على النهي أو الجواب له. والشجرة هي الحنطة، أو الكرمة، أو التينة، أو شجرة من أكل منها أحدث، والأولى أن لا تعين من غير قاطع كما لم تعين في الآية لعدم توقف ما هو المقصود عليه. وقرئ بكسر الشين، و « تقربا » بكسر التاء و « هذي » بالياء.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية