الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 51 ] [ أوقات الصلوات ]

وقت الفجر إذا طلع الفجر الثاني المعترض إلى طلوع الشمس ، ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يبلغ الظل مثليه ( سم ف ) سوى فيء الزوال ، . . . وإذا خرج وقت الظهر على الاختلاف دخل وقت العصر ، وآخر وقتها ما لم تغرب الشمس ، وإذا غابت الشمس دخل وقت المغرب ، وآخره ما لم يغب الشفق ، وإذا خرج وقت المغرب دخل وقت العشاء ، وآخره ما لم يطلع الفجر ، ووقت الوتر وقت العشاء .

[ ص: 51 ]

التالي السابق


[ ص: 51 ] قال : ( وقت الفجر إذا طلع الفجر الثاني المعترض إلى طلوع الشمس ) الفجر فجران : كاذب ، وهو الذي يبدو طولا ثم تعقبه ظلمة ، فلا يخرج به وقت العشاء ، ولا يحرم الأكل على الصائم . وصادق ، وهو البياض المعترض في الأفق ، فيحرم به السحور ، ويدخل به وقت الفجر . قال - عليه الصلاة والسلام - : " لا يغرنكم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ، ولكن الفجر المستطير " . وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت صلاة الفجر حين يطلع الفجر ، وآخر وقتها حين تطلع الشمس " .

قال : ( ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يبلغ الظل مثليه سوى فيء الزوال ) ولا خلاف في أول الوقت ، واختلفوا في آخره ، فالمذكور قول أبي حنيفة . وقال أبو يوسف ومحمد : إذا صار الظل مثله ، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة . وذكر في المنتقى رواية أسد عن أبي حنيفة أنه إذا صار ظل كل شيء مثله خرج وقت الظهر ، ولا يدخل وقت العصر حتى يصير مثليه فيكون بينهما وقت مهمل . لهما إمامة جبريل ، وهو ما روى ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أمني جبريل مرتين عند البيت ، فصلى بي الظهر في اليوم الأول حين زالت الشمس ، والعصر حين صار ظل كل شيء مثله ، وصلى بي في اليوم الثاني الظهر حين صار ظل كل شيء مثله ، والعصر حين صار ظل كل شيء مثليه ، وقال : ما بين هذين الوقتين وقت لك ولأمتك " . ولأبي حنيفة قوله - عليه الصلاة والسلام - : " أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم " ولا إبراد قبل أن يصير ظل كل شيء مثليه ، [ ص: 52 ] لأن شدة الحر قبله خصوصا في الحجاز ، وكذا آخر حديث الإمامة حجة له ؛ لأن إمامته الظهر حين صار الظل مثله دليل أنه وقت الظهر لا وقت العصر وهو محل الخلاف ، وإذا وقع التعارض في خروجه لا يخرج بالشك .

( وإذا خرج وقت الظهر على الاختلاف دخل وقت العصر ، وآخر وقتها ما لم تغرب الشمس ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " من فاتته العصر حتى غابت الشمس فكأنما وتر أهله وماله " ، جعلها فائتة بالغروب فدل أنه آخر وقتها .

( وإذا غابت الشمس دخل وقت المغرب ) لرواية أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أول وقت المغرب حين تسقط الشمس " ، ولا خلاف فيه .

( وآخره ما لم يغب الشفق ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " وقت المغرب ما لم يغب الشفق " ، والشفق : البياض الذي يبقى بعد الحمرة . وقالا : هو الحمرة ، وهو رواية أسد عن أبي حنيفة كذلك نقل عن الخليل ، وعن ابن عمر كذلك ، ولأبي حنيفة قوله - عليه الصلاة والسلام - : " وآخر وقت المغرب إذا اسود الأفق " . وعن ثعلب أنه البياض ، وهو مذهب أبي بكر وعائشة ومعاذ .

( وإذا خرج وقت المغرب دخل وقت العشاء ) بلا خلاف .

[ ص: 53 ] ( وآخره ما لم يطلع الفجر ) لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " وآخر وقت العشاء ما لم يطلع الفجر " .

( ووقت الوتر وقت العشاء ) إلا أنه مأمور بتقديم العشاء . وقالا : أول وقت الوتر بعد العشاء ، وآخره ما لم يطلع الفجر ، وهذا الاختلاف بناء على اختلافهم في صفتها ، فعنده هي واجبة ، والوقت إذا جمع صلاتين واجبتين فهو وقتهما ، وإن أمر بتقديم إحداهما كالوقتية والفائتة ، وعندهما هي سنة فيدخل وقتها بالفراغ من الفرض كسائر السنن ، والأصل فيه قوله - عليه الصلاة والسلام - : " إن الله تعالى زادكم صلاة فصلوها ما بين العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر ، ألا وهي الوتر " .




الخدمات العلمية