الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ومالك هو الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي بفتح الباء نسبة إلى ذي أصبح بطن من حمير وهو من العرب حلفه في قريش بني تيم الله فهو مولى حلف لا مولى عتاقة هذا الذي عليه الجمهور خلافا لابن إسحاق وقد رد عليه ذلك غير واحد وهو إمام دار الهجرة وعالم المدينة وأحد أئمة المذاهب المتبوعة وهو من تابعي التابعين ; لأنه أدرك عائشة بنت سعد بن أبي وقاص قال ابن رشد : وقد قيل فيها : إنها صحابية والصحيح فيها أنها ليست صحابية ; لأن الكلاباذي ذكرها في التابعيات ولم يذكرها ابن عبد البر في الصحابيات قاله في رسم الشجرة من سماع ابن القاسم من كتاب الطهارة وجده أبو عامر من الصحابة حضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغازيه كلها إلا بدرا جده مالك من كبار التابعين وهو أحد الأربعة الذين حملوا عثمان إلى قبره وغسلوه ودفنوه ليلا وأبوه أنس . كان فقيها وفضائله ومناقبه مشهورة دونت بها الدواوين ، ومن أعظمها الحديث الذي أخرجه الحاكم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم فلا يجدون أعلم من عالم المدينة } وأخرجه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ { يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة } وذكر في المدارك بروايات متعددة ففي رواية آباط الإبل مكان أكباد الإبل وفي رواية أفقه من عالم المدينة . وفي رواية من عالم بالمدينة وفي رواية { لا تنقضي الساعة حتى يضرب الناس أكباد الإبل من كل ناحية إلى عالم المدينة يطلبون علمه } . وقد تأوله الأئمة على مالك حتى إذا قيل : هذا قول عالم المدينة ، علم أنه المراد وقال سفيان : كانوا يرونه مالكا ، قال ابن فهد : يعني سفيان بقوله : كانوا يرونه التابعين قال الشافعي رضي الله عنه : إذا جاء الأثر فمالك النجم ، وقال أيضا : إذا ذكر العلماء فمالك النجم ، وما أحد أمن علي في دين الله من مالك بن أنس وقال مالك أستاذي وعنه أخذنا العلم وما أحد أمن علي من مالك وجعلت مالكا حجة بيني وبين الله وقال عبد الرحمن بن مهدي ما بقي على وجه الأرض أحد آمن على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من مالك بن أنس وقال يحيى بن سعيد ويحيى بن معين مالك أمير المؤمنين في الحديث وقال البخاري أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : قلت لأبي : من أثبت أصحاب الزهري ؟ قال : مالك أثبت في كل شيء . وقال ابن معين : كان مالك من حجج الله على خلقه . قال في مختصر المدارك قال أحمد بن حنبل : مالك أتبع من سفيان وسئل عن الثوري ومالك إذا [ ص: 25 ] اختلفا أيهما أفقه ؟ قال : مالك أكبر في قلبي . قيل له : فمالك والأوزاعي ؟ قال : مالك أحب إلي وإن كان الأوزاعي من الأئمة . قيل : فمالك والليث ؟ قال : مالك ، قيل : فمالك والحكم وحماد ؟ قال : مالك ، قيل : فمالك والنخعي ؟ قال : ضعه مع أهل زمانه مالك سيد من سادات أهل العلم وهو إمام في الحديث والفقه ، ومن مثل مالك ؟ . وقيل له : الرجل يريد يحفظ الحديث حديث من ترى يحفظ ؟ قال حديث مالك فإنه حجة بينك وبين الله ، وقال : رحم الله مالكا كان من الإسلام بمكان .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية