الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          شيم

                                                          شيم : الشيمة : الخلق . والشيمة : الطبيعة ، وقد تقدم أن الهمز فيها لغية ، وهي نادرة . وتشيم أباه : أشبهه في شيمته عن ابن الأعرابي . والشامة : علامة مخالفة لسائر اللون ، والجمع شامات وشام . الجوهري : الشام جمع شامة ، وهي الخال ، وهي من الياء ، وذكر ابن الأثير الشامة في شأم بالهمز ، وذكر حديث ابن الحنظلية ، قال : حتى تكونوا كأنكم شأمة في الناس ، قال : الشأمة الخال في الجسد معروفة ، أراد كونوا في أحسن زي وهيئة حتى تظهروا للناس وينظروا إليكم ، كما تظهر الشأمة وينظر إليها دون باقي الجسد ، وقد شيم شيما ، ورجل مشيم ومشيوم وأشيم ، والأنثى شيماء . قال بعضهم : رجل مشيوم لا فعل له . الليث : الأشيم من الدواب ، ومن كل شيء الذي به شامة ، والجمع شيم . قال أبو عبيدة : مما لا يقال له بهيم ، ولا شية له الأبرش والأشيم ، قال : والأشيم أن تكون به شامة أو شام في جسده . ابن شميل : الشامة شامة تخالف لون الفرس على مكان يكره ، وربما كانت في دوائرها . أبو زيد : رجل أشيم بين الشيم الذي به شامة ولم نعرف له فعلا . والشامة أيضا : الأثر الأسود في البدن ، وفي الأرض ، والجمع شام ; قال ذو الرمة :

                                                          [ ص: 179 ]

                                                          وإن لم تكوني غير شام بقفرة تجر بها الأذيال صيفية كدر

                                                          ولم يستعملوا من هذا الأخير فعلا ، ولا فاعلا ، ولا مفعولا . وشام يشيم إذا ظهرت بجلدته الرقمة السوداء . ويقال : ما له شامة ، ولا زهراء يعني ناقة سوداء ، ولا بيضاء ، قال الحرث بن حلزة :


                                                          وأتونا يسترجعون فلم تر     جع لهم شامة ولا زهراء

                                                          ويروى : فلم ترجع . وحكى نفطويه : شأمة بالهمز ; قال ابن سيده : ولا أعرف وجه هذا إلا أن يكون نادرا أو يهمزه من يهمز الخأتم والعألم ، والشيم : السود . وشيم الإبل وشومها : سودها فأما شيم فواحدها أشيم وشيماء ، وأما شوم فذهب الأصمعي إلى أنه لا واحد له ، وقد يجوز أن يكون جمع أشيم وشيماء ، إلا أنه آثر إخراج الفاء مضمومة على الأصل ، فانقلبت الياء واوا ; قال أبو ذؤيب يصف خمرا :


                                                          فما تشترى إلا بربح سباؤها     بنات المخاض شومها وحضارها

                                                          ويروى : شيمها وحضارها ، وهو جمع أشيم ، أي سودها وبيضها ; قال ذلك أبو عمرو والأصمعي ، هكذا سمعتها ، قال : وأظنها جمعا ، واحدها أشيم ; وقال الأصمعي : شومها لا واحد له ، وقال عثمان بن جني : يجوز أن يكون لما جمعه على فعل أبقى ضمة الفاء فانقلبت الياء واوا ، ويكون واحده على هذا أشيم ، قال : ونظير هذه الكلمة عائط وعيط وعوط ; قال : ومثله قول عقفان بن قيس بن عاصم :


                                                          سواء عليكم شومها وهجانها     وإن كان فيها واضح اللون يبرق

                                                          ابن الأعرابي : الشامة الناقة السوداء ، وجمعها شام . والشيم : الإبل السود ، والحضار : البيض يكون للواحد ، والجمع على حد ناقة هجان ونوق هجان ودرع دلاص ودروع دلاص . وشام السحاب والبرق شيما : نظر إليه أين يقصد وأين يمطر ، وقيل : هو النظر إليهما من بعيد ، وقد يكون الشيم النظر إلى النار ; قال ابن مقبل :


                                                          ولو تشترى منه لباع ثيابه     بنبحة كلب أو بنار يشيمها

                                                          وشمت مخايل الشيء إذا تطلعت نحوها ببصرك منتظرا له . وشمت البرق إذا نظرت إلى سحابته أين تمطر . وتشيمه الضرام أي دخله ; وقال ساعدة بن جؤية :


                                                          أفعنك لا برق كأن وميضه     غاب تشيمه ضرام مثقب

                                                          ويروي : تسنمه ، يريد أفمنك لا برق ومثقب : موقد ، يقال : أثقبت النار أوقدتها . وانشام الرجل إذا صار منظورا إليه . والانشيام في الشيء : الدخول فيه . وشام السيف شيما : سله وأغمده ، وهو من الأضداد وشك أبو عبيد في شمته بمعنى سللته ، قال شمر : ولا أعرفه أنا ; وقال الفرزدق في السل يصف السيوف :


                                                          إذا هي شيمت فالقوائم تحتها     وإن لم تشم يوما علتها القوائم

                                                          قال : أراد سلت ، والقوائم : مقابض السيوف ; قال ابن بري : وشاهد شمت السيف أغمدته قول الفرزدق :


                                                          بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم     ولم تكثر القتلى بها حين سلت

                                                          قال : الواو في قوله ولم واو الحال أي لم يغمدوها والقتلى بها لم تكثر ، وإنما يغمدونها بعد أن تكثر القتلى بها ، وقال الطرماح :


                                                          وقد كنت شمت السيف بعد استلاله     وحاذرت يوم الوعد ما قيل في الوعد

                                                          وقال آخر :


                                                          إذا ما رآني مقبلا شام نبله     ويرمي إذا أدبرت عنه بأسهم

                                                          وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه : شكي إليه خالد بن الوليد ، فقال : لا أشيم سيفا سله الله على المشركين أي لا أغمده . وفي حديث علي عليه السلام ، قال لأبي بكر لما أراد أن يخرج إلى أهل الردة ، وقد شهر سيفه : شم سيفك ، ولا تفجعنا بنفسك . وأصل الشيم النظر إلى البرق ، ومن شأنه أنه ، كما يخفق يخفى من غير تلبث ، ولا يشام إلا خافقا وخافيا فشبه بهما السل والإغماد . وشام يشيم شيما وشيوما إذا حقق الحملة في الحرب . وشام أبا عمير إذا نال من البكر مراده . وشام الشيء في الشيء : أدخله وخبأه ; قال الراعي :


                                                          بمغتصب من لحم بكر سمينة     وقد شام ربات العجاف المناقيا

                                                          أي خبأنها وأدخلنها البيوت خشية الأضياف . وانشام الشيء في الشيء وتشيم فيه وتشيمه دخل فيه ; وأنشد بيت ساعدة بن جؤية :


                                                          غاب تشيمه ضرام مثقب

                                                          قال : وروي تسنمه أي علاه وركبه ، أراد : أعنك البرق ; قال ابن سيده : هذا تفسير أبي عبيد ، قال : والصواب عندي أنه أراد أعنك برق ; لأن ساعدة لم يقل أفعنك لا البرق معرفا بالألف واللام إنما قال أفعنك لا برق منكرا ; فالحكم أن يفسر بالنكرة . وشام إذا دخل . أبو زيد : شم في الفرس ساقك أي اركلها بساقك وأمرها . أبو مالك : شم أدخل ، وذلك إذا أدخل رجله في بطنها يضربها . وتشيمه الشيب : كثر فيه وانتشر ; عن ابن الأعرابي . والشيام : حفرة أو أرض رخوة . ابن الأعرابي : الشيام بالكسر الفأر . الكسائي : رجل مشيم ومشوم ومشيوم من الشامة . والشيام : التراب عامة ; قال الطرماح :


                                                          كم به من مكء وحشية     قيض في منتثل أو شيام

                                                          منتثل : مكان كان محفورا فاندفن ثم نظف . وقال الخليل : شيام حفرة ، وقيل : أرض رخوة التراب . وقال الأصمعي : الشيام الكناس ، سمي بذلك لانشيامه فيه أي دخوله . الأصمعي : الشيمة [ ص: 180 ] التراب يحفر من الأرض . وشام يشيم إذا غبر رجليه من الشيام ، وهو التراب . قال أبو سعيد : سمعت أبا عمرو ينشد بيت الطرماح أو شيام بفتح الشين ، وقال : هي الأرض السهلة ، قال أبو سعيد : وهو عندي شيام بكسر الشين ، وهو الكناس ، سمي شياما ; لأن الوحش ينشام فيه أي يدخل ، قال : والمنتثل الذي كان اندفن فاحتاج الثور إلى انتثاله أي استخراج ترابه ، والشيام الذي لم يندفن ، ولا يحتاج إلى انتثاله ، فهو ينشام فيه ، كما يقال لباس لما يلبس . ويقال : حفر فشيم ، قال : والشيم كل أرض لم يحفر فيها قبل فالحفر على الحافر فيها أشد ; وقال الطرماح يصف ثورا :


                                                          غاص حتى استباث من شيم الأر     ض سفاة من دونها ثأده

                                                          التهذيب : المشيمة هي للمرأة التي فيها الولد ، والجمع مشيم ومشايم ; قال جرير :


                                                          وذاك الفحل جاء بشر نجل     خبيثات المثابر والمشيم

                                                          ابن الأعرابي : يقال لما يكون فيه الولد المشيمة والكيس والحوران والقميص . الجوهري : والشيم ضرب من السمك ; قال :


                                                          قل لطغام الأزد لا تبطروا     بالشيم والجريث والكنعد

                                                          والمشيمة : الغرس وأصله مفعلة فسكنت الياء ، والجمع مشايم مثل معايش ; قال ابن بري : ويجمع أيضا مشيما ; وأنشد بيت جرير :


                                                          خبيثات المثابر والمشيم

                                                          وقوم شيوم : آمنون حبشية . ومن كلام النجاشي لقريش : اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي . وبنو أشيم : قبيلة . والأشيم وشيمان : اسمان . ومطر بن أشيم : من شعرائهم . وصلة بن أشيم : رجل من التابعين ; وقول بلال مؤذن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :


                                                          ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة     بواد وحولي إذخر وجليل
                                                          وهل أردن يوما مياه مجنة     وهل يبدون لي شامة وطفيل

                                                          هما جبلان مشرفان ، وقيل : عينان والأول أكثر . ومجنة : موضع قريب من مكة كانت تقام به سوق في الجاهلية ، وقال بعضهم : إنه شابة بالباء ، وهو جبل حجازي . والأشيمان : موضعان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية