الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم

                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين ارتدوا على أدبارهم أي: رجعوا إلى ما كانوا عليه من الكفر وهم المنافقون الذين وصفوا فيما سلف بمرض القلوب وغيره من قبائح الأفعال والأحوال فإنهم قد كفروا به عليه الصلاة والسلام. من بعد ما تبين لهم الهدى بالدلائل الظاهرة والمعجزات القاهرة. وقيل: هم اليهود. وقيل: أهل الكتابين جميعا كفروا به عليه الصلاة والسلام بعد ما وجدوا نعته في كتابهم وعرفوا أنه المنعوت بذلك، وقوله تعالى: الشيطان سول لهم جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبرا لإن أي سهل لهم ركوب العظائم من السول وهو الاسترخاء. وقيل: من السول المخفف من السؤال لاستمرار القلب فمعنى سول له أمرا حينئذ أوقعه في أمنيته فإن السؤل الأمنية، وقرئ "سول" مبنيا للمفعول على حذف المضاف أي: كيد الشيطان. وأملى لهم وعد لهم في الأماني والآمال. وقيل: أمهلهم الله تعالى ولم يعاجلهم بالعقوبة، وقرئ "وأملي لهم" على صيغة المتكلم فالمعنى: أن الشيطان يغويهم وأنا أنظرهم قالوا وللحال أو للاستئناف، وقرئ "أملى لهم" على البناء للمفعول أي: أمهلوا ومد في عمرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية