الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إذ تقول للمؤمنين ظرف لنصركم ، والمراد به وقت ممتد ، وقدم عليه الأمر بالتقوى إظهارا لكمال العناية ، وقيل : بدل ثان من ( إذ غدوت ) وعلى الأول يكون هذا القول ببدر ، وعلى ذلك الحسن وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وغيرهما عن الشعبي أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين فشق ذلك عليهم فأنزل الله تعالى ألن يكفيكم إلخ ، فبلغت كرزا الهزيمة فلم يمد المشركين ، وعلى الثاني يكون القول بأحد ، وكان مع اشتراط الصبر والتقوى عن المخالفة ولم يوجدا منهم فلم يمدوا ، ونسب ذلك إلى عكرمة وقتادة في إحدى الروايتين عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين الكفاية سد الحاجة وفوقها الغنى بناء على أنه الزيادة على نفي الحاجة ، والإمداد في الأصل إعطاء الشيء حالا بعد حال ، ويقال مد في السير إذا استمر عليه ، وامتد بهم السير إذا طال واستمر ، وعن بعضهم ما كان بطريق التقوية والإعانة ، يقال فيه أمده يمده إمدادا ، وما كان بطريق الزيادة يقال فيه : مده مدا ، وقيل : يقال : مده في الشر وأمده في الخير ، والهمزة لإنكار أن لا يكفيهم ذلك ، وأتى بلن لتأكيد النفي بناء على ما ذهب إليه البعض ، وفيه إشعار بأنهم كانوا حينئذ كالآيسين من النصر لقلة عددهم وعددهم ، وفي التعبير بعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين ما لا يخفى من اللطف وتقوية الإنكار و أن يمدكم في تأويل المصدر فاعل بيكفيكم و ( من الملائكة ) بيان أو صفة لآلاف أو لما أضيف إليه ، و ( منزلين ) صفة لثلاثة آلاف ، وقيل : حال من الملائكة وفي وصفهم بذلك إشارة إلى أنهم من أشرف الملائكة ، وقد أنزلوا على ما ذكره الشيخ الأكبر قدس سره من السماء الثالثة ، وذكر سر ذلك في الفتوحات ، وقرئ ( منزلين ) بالتشديد للتكثير أو للتدريج ، وقرئ مبنيا للفاعل من الصيغتين على معنى ( منزلين ) الرعب في قلوب أعدائكم أو النصر لكم ، والجمهور على كسر التاء من ثلاثة ، وقد أسكنت في الشواذ ، ووقف عليها بإبدالها هاء أيضا على أنه أجري الوصل مجرى الوقف فيهما ، ويضعف ذلك أن المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية