الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (4) قوله : يوم يكون : في ناصبه أوجه، أحدها: مضمر يدل عليه "القارعة"، أي: تقرعهم يوم يكون. وقيل: تقديره: تأتي القارعة يوم. الثاني: أنه "اذكر" مقدرا فهو مفعول به لا ظرف. الثالث: أنه "القارعة" قاله ابن عطية وأبو البقاء ومكي. قال الشيخ: "فإن كان يعني ابن عطية- عنى- اللفظ الأول فلا يجوز للفصل بين العامل، وهو في صلة أل، والمعمول بأجنبي وهو الخبر، وإن جعل القارعة علما للقيامة فلا يعمل أيضا، وإن عنى الثاني والثالث فلا يلتئم معنى الظرفية معه". الرابع: أنه فعل مقدر رافع للقارعة الأولى، كأنه قيل: تأتي القارعة يوم يكون، قال مكي. وعلى هذا فيكون ما بينهما اعتراضا وهو بعيد جدا منافر لنظم الكلام. وقرأ زيد بن علي "يوم" بالرفع خبرا لمبتدأ محذوف، أي: وقتها يوم يكون.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: كالفراش يجوز أن يكون خبرا للناقصة، وأن يكون حالا [ ص: 95 ] من فاعل التامة، أي: يوجدون ويحشرون شبه الفراش، وهو طائر معروف وقيل: هو الهمج من البعوض والجراد وغيرهما، وبه يضرب المثل في الطيش والهوج يقال: "أطيش من فراشة" وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      4632 - فراشة الحلم فرعون العذاب وإن يطلب نداه فكلب دونه كلب



                                                                                                                                                                                                                                      وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      4633 - وقد كان أقوام رددت قلوبهم     عليهم وكانوا كالفراش من الجهل



                                                                                                                                                                                                                                      والفراشة: الماء القليل في الإناء، وفراشة القفل لشبهها بالفراشة. وفي تشبيه الناس بالفراش مبالغات شتى منها: الطيش الذي يلحقهم، وانتشارهم في الأرض، وركوب بعضهم بعضا، والكثرة والضعف والذلة والمجيء من غير ذهاب. والقصد إلى الداعي من كل جهة، والتطاير إلى النار. قال جرير:


                                                                                                                                                                                                                                      4634 - إن الفرزدق ما علمت وقومه     مثل الفراش غشين نار المصطلي



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 96 ] والعهن تقدم في سأل.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية