الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (199) قوله تعالى : لمن يؤمن : اللام لام الابتداء دخلت على اسم "إن " لتأخره عنها . و من أهل خبر مقدم ، و "من " يجوز أن تكون موصولة ، وهو الأظهر ، وموصوفة أي : لقوما ، و "يؤمن " صلة على الأول فلا محل له ، وصفة على الثاني فمحله النصب وأتى هنا بالصلة مستقبلة وإن كان ذلك قد مضى ، دلالة على الاستمرار والديمومة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : خاشعين فيه أربعة أوجه ، أحدها : أنه حال من الضمير في "يؤمن " ، وجمعه حملا على معنى "من " كما جمع في قوله : "إليهم " ، وبدأ بالحمل على اللفظ في "يؤمن " على الحمل على المعنى لأنه الأولى . الثاني : أنه حال من الضمير في "إليهم " ، فالعامل فيه "أنزل " . الثالث : أنه حال من الضمير في "يشترون " ، وتقديم ما في حيز "لا " عليها جائز على الصحيح ، وتقدم شيء من ذلك في الفاتحة . الرابع : أنه صفة لـ "من " إذ قيل بأنها نكرة موصوفة ، وأما الأوجه فجائزة سواء كانت موصولة أو نكرة موصوفة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : "لله " فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلق بـ " خاشعين " أي لأجل [ ص: 550 ] الله . والثاني : أن يتعلق بـ " لا يشترون " ذكره أبو البقاء ، قال : "وهو في نية التأخير ، أي : لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا لأجل الله " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : لا يشترون كقوله : " خاشعين " إلا في الوجه الثالث لتعذره ، ونزيد عليه وجها آخر : وهو أن يكون حالا من الضمير المستكن في "خاشعين " أي : غير مشترين . وتقدم معنى الخشوع والاشتراء وما قيل فيه وفي الباء في البقرة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : أولئك لهم أجرهم "أولئك " مبتدأ . وأما لهم أجرهم ففيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يكون "لهم " خبرا مقدما ، و "أجرهم " مبتدأ مؤخر ، والجملة خبر الأول ، وعلى هذا فالظرف فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلق بـ "أجرهم " ، والثاني : أنه حال من الضمير في "لهم " وهو ضمير الأجر لأنه واقع خبرا .

                                                                                                                                                                                                                                      الوجه الثاني : أن يرتفع "أجرهم " بالجار قبله ، وفي الظرف الوجهان ، إلا أن الحال من "أجرهم " الظاهر ، لأن "لهم " لا ضمير فيه حينئذ . الثالث : أن الظرف هو خبر "أجرهم " و "لهم " متعلق بما تعلق به هذا الظرف من الثبوت والاستقرار . ومن هنا إلى آخر السورة تقدم إعراب نظائره .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية