الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما قدم سبحانه ذم الكفرة وأنه عليهم وأنه يبطل أعمالهم في الدنيا في الحرب وغيرها، وختم بأن عداوته لهم متحتمة لا انفكاك [ ص: 263 ] لها، وكان ذلك موجبا للاجتراء عليهم، سبب عنه قوله مرغبا لهم في لزوم الجهاد محذرا من تركه: فلا تهنوا أي: تضعفوا ضعفا يؤدي بكم إلى الهوان والذل وتدعوا أي: أعداءكم إلى السلم أي: المسالمة وهي الصلح وأنتم أي: والحال أنكم الأعلون على كل من ناواكم لأن الله عليهم، ثم عطف على الحال قوله: والله أي: الملك الأعظم الذي لا يعجزه شيء ولا كفوء له معكم أي: بنصره ومعونته وجميع ما يفعله الكريم إذا كان مع غيره، ومن علم أن سيده معه وعلم أنه قادر على ما يريد لم يبال بشيء أصلا ولن يتركم أعمالكم [أي] فيسلبكموها فيجعلكم وترا منها بمعنى أنه يبطلها كما يفعل مع أعدائكم في إحباط أعمالهم فيصيرون مفردين عنها؛ لأنكم لم تبطلوا أعمالكم بجعل الدنيا محط أمركم، فلا يجوز لإمام المسلمين أن يجيب إلى مسالمة الكفار وبه قوة على مدافعتهم، ولا يحل له ترك الجهاد إلا لمعنى يظهر فيه النظر للمسلمين، ومتى لم يجاهد في سبيل الله انصرف بأسه إلى المسلمين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية