الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الرياء والسمعة

                                                                                                          2381 حدثنا أبو كريب حدثنا معاوية بن هشام عن شيبان عن فراس عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يرائي يرائي الله به ومن يسمع يسمع الله به قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لا يرحم الناس لا يرحمه الله وفي الباب عن جندب وعبد الله بن عمرو قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في الرياء والسمعة ) قال الحافظ في الفتح الرياء بكسر الراء وتخفيف التحتانية والمد وهو مشتق من الرؤية والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمدوا صاحبها ، والسمعة بضم المهملة وسكون الميم مشتقة من سمع والمراد بها نحو ما في الرياء ، لكنها تتعلق بحاسة السمع [ ص: 45 ] والرياء بحاسة البصر ، انتهى . وقال الغزالي : الرياء مشتق من الرؤية ، والسمعة من السماع ، وإنما الرياء أصله طلب المنزلة في قلوب الناس بإرائهم الخصال المحمودة . فحد الرياء هو إراءة العبادة بطاعة الله تعالى ، فالمرائي هو العابد والمراءى له هو الناس ، والمراءى به هو الخصال الحميدة . والرياء هو قصد إظهار ذلك .

                                                                                                          ( من يرائي يرائي الله به ) بإثبات الياء في الفعلين على أن " من " موصولة مبتدأ والمعنى : من يعمل عملا ليراه الناس في الدنيا يجازيه الله تعالى به بأن يظهر رياءه على الخلق ( ومن يسمع ) بتشديد الميم أي من عمل عملا للسمعة بأن نوه بعمله وشهره ليسمع الناس به ويمتدحوه ( يسمع الله به ) بتشديد الميم أيضا أي شهره الله بين أهل العرصات وفضحه على رءوس الأشهاد . قال الخطابي : معناه من عمل عملا على غير إخلاص وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه . وقيل من قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس ولم يرد به وجه الله فإن الله يجعله حديثا عند الناس الذين أراد نيل المنزلة عندهم ولا ثواب له في الآخرة . ومعنى يرائي به يطلعهم على أنه فعل ذلك لهم لا لوجهه ، ومنه قوله تعالى : من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها إلى قوله : ما كانوا يعلمون وقيل المراد من قصد بعمله أن يسمعه الناس ويروه ليعظموه وتعلو منزلته عندهم حصل له ما قصد وكان ذلك جزاؤه على عمله ولا يثاب عليه في الآخرة . وقيل : المعنى من سمع بعيوب الناس وأذاعها أظهر الله عيوبه وسمعه المكروه . وقيل غير ذلك ذكره الحافظ في الفتح قال : وفي الحديث استحبابإخفاء العمل الصالح ، لكن قد يستحب إظهاره ممن يقتدى به على إرادته الاقتداء به ويقدر ذلك بقدر الحاجة ( من لا يرحم الناس لا يرحمه الله ) تقدم شرحه في باب رحمة الناس من أبواب البر والصلة .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن جندب وعبد الله بن عمرو ) أما حديث جندب فأخرجه الشيخان .

                                                                                                          وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الطبراني عنه مرفوعا بلفظ : من سمع الناس [ ص: 46 ] بعمله سمع الله به مسامع خلقه وصغره وحقره . قال المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث . رواه الطبراني في الكبير بأسانيد أحدها صحيح والبيهقي ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث غريب من هذا الوجه ) وأخرجه أحمد وابن ماجه إلا الفصل الأخير .




                                                                                                          الخدمات العلمية