الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الشركة في الطعام وغيره ويذكر أن رجلا ساوم شيئا فغمزه آخر فرأى عمر أن له شركة

                                                                                                                                                                                                        2368 حدثنا أصبغ بن الفرج قال أخبرني عبد الله بن وهب قال أخبرني سعيد عن زهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله بايعه فقال هو صغير فمسح رأسه ودعا له وعن زهرة بن معبد أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام إلى السوق فيشتري الطعام فيلقاه ابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهما فيقولان له أشركنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا لك بالبركة فيشركهم فربما أصاب الراحلة كما هي فيبعث بها إلى المنزل

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب الشركة في الطعام وغيره ) أي من المثليات والجمهور على صحة الشركة في كل ما يتملك ، والأصح عند الشافعية اختصاصها بالمثلي ، وسبيل من أراد الشركة بالعروض عندهم أن يبيع بعض عرضه المعلوم ببعض عرض الآخر المعلوم ويأذن له في التصرف ، وفي وجه لا يصح إلا في النقد المضروب كما تقدم ، وعن المالكية تكره الشركة في الطعام ، والراجح عندهما الجواز .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ويذكر أن رجلا ) لم أقف على اسمه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فرأى عمر ) كذا للأكثر ، وفي رواية ابن شبويه " فرأى ابن عمر " وعليها شرح ابن بطال ، والأول أصح فقد رواه سعيد بن منصور من طريق إياس بن معاوية " أن عمر أبصر رجلا يساوم سلعة وعنده رجل فغمزه حتى اشتراها ، فرأى عمر أنها شركة " وهذا يدل على أنه كان لا يشترط للشركة صيغة ويكتفي فيها بالإشارة إذا ظهرت القرينة وهو قول مالك ، وقال مالك أيضا في السلعة تعرض للبيع فيقف من يشتريها للتجارة ، فإذا اشتراها واحد منهم واستشركه الآخر لزمه أن يشركه لأنه انتفع بتركه الزيادة عليه ووقع في نسخة الصغاني ما نصه " قال أبو عبد الله - يعني المصنف - إذا قال الرجل للرجل : أشركني فإذا سكت يكون شريكه في النصف " ا هـ وكأنه أخذه من أثر عمر المذكور .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أخبرني سعيد ) هو ابن أبي أيوب ، وثبت في رواية ابن شبويه .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 162 ] قوله : ( عن زهرة ) هو بضم الزاي وعند أبي داود من رواية المقبري عن سعيد " حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن جده عبد الله بن هشام ) أي ابن زهرة التيمي من بني عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة رهط أبي بكر الصديق ، وهو جد زهرة لأبيه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ) ذكر ابن منده أنه أدرك من حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ست سنين ، وروى أحمد في مسنده أنه احتلم في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن في إسناده ابن لهيعة ، وحديث الباب يدل على خطأ روايته هذه فإن ذهاب أمه به كان في الفتح ووصف بالصغر إذ ذاك فإن كان ابن لهيعة ضبطه فيحتمل أنه بلغ في أوائل سن الاحتلام .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وذهبت به أمه زينب بنت حميد ) أي ابن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى وهي معدودة في الصحابة ، وأبوه هشام مات قبل الفتح كافرا ، وقد شهد عبد الله بن هشام فتح مصر واختط بها فيما ذكره ابن يونس وغيره ، وعاش إلى خلافة معاوية .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ودعا له ) زاد المصنف في الأحكام من وجه آخر " عن زهرة " وأخرجه الحاكم في " المستدرك " من حديث ابن وهب بتمامه فوهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وعن زهرة بن معبد ) هو موصول بالإسناد المذكور .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيلقاه ابن عمر وابن الزبير ) قال الإسماعيلي رواه الخلق فلم يذكر أحد هذه الزيادة إلى آخرها إلا ابن وهب . قلت : وقد أخرجه المصنف في الدعوات عن عبد الله بن وهب بهذا الإسناد ، وكذلك أخرجه أبو نعيم من وجهين عن ابن وهب ، قال الإسماعيلي : تفرد به ابن وهب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيقولان له أشركنا ) هو شاهد الترجمة لكونهما طلبا منه الاشتراك في الطعام الذي اشتراه فأجابهما إلى ذلك وهم من الصحابة ولم ينقل عن غيرهم ما يخالف ذلك ، فيكون حجة ، وفي الحديث مسح رأس الصغير ، وترك مبايعة من لم يبلغ والدخول في السوق لطلب المعاش ، وطلب البركة حيث كانت ، والرد على من زعم أن السعة من الحلال مذمومة ، وتوفر دواعي الصحابة على إحضار أولادهم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - لالتماس بركته ، وعلم من أعلام نبوته - صلى الله عليه وسلم - لإجابة دعائه في عبد الله بن هشام .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيهان ) : أحدهما : وقع في رواية الإسماعيلي " وكان - يعني عبد الله بن هشام - يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله " فعزا بعض المتأخرين هذه الزيادة للبخاري فأخطأ .

                                                                                                                                                                                                        ثانيهما : وقع في نسخة الصغاني زيادة لم أرها في شيء من النسخ غيرها ولفظه " قال أبو عبد الله : كان عروة البارقي يدخل السوق وقد ربح أربعين ألفا ببركة دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبركة حيث أعطاه دينارا يشتري به أضحية فاشترى شاتين فباع إحداهما بدينار وجاءه بدينار وشاة ، فبرك له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية