الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صرح

                                                          صرح : الصرح والصريح والصراح والصراح والصراح ، والكسر أفصح : المحض الخالص من كل شيء ؛ رجل صريح وصرحاء ، وهي أعلى والاسم الصراحة والصروحة . وصرح الشيء : خلص . وكل خالص : صريح . والصريح من الرجال والخيل : المحض ويجمع الرجال على الصرحاء ، والخيل على الصرائح ؛ قال ابن سيده : الصريح الرجل الخالص النسب ، والجمع الصرحاء ، وقد صرح بالضم صراحة وصروحة ، وتقول : جاء بنو تميم صريحة إذا لم يخالطهم غيرهم ؛ وقول الهذلي :


                                                          وكرم ماء صريحا

                                                          أي خالصا وأراد بالتكريم التكثير ، قال : وهي لغة هذلية . وفي الحديث : حديث الوسوسة : ذاك صريح الإيمان أي كراهتكم له صريح الإيمان . والصريح : الخالص من كل شيء ، وهو ضد الكناية ، يعني أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في قلوبكم حتى يصير ذلك وسوسة لا يتمكن في قلوبكم ، ولا تطمئن إليه نفوسكم ؛ وليس معناه أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان ؛ لأنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله فكيف تكون إيمانا صريحا ، وصريح : اسم فحل منجب ، وقال أوس بن غلفاء الهجيمي :


                                                          ومركضة صريحي أبوها     يهان لها الغلامة والغلام

                                                          قال ابن بري : صواب إنشاده ومركضة صريحي ؛ لأن قبله :


                                                          أعان على مراس الحرب زعف     مضاعفة لها حلق تؤام

                                                          وفرس صريح من خيل صرائح والصريح : فحل من خيل العرب معروف ، قال طفيل :

                                                          [ ص: 221 ]

                                                          عناجيج فيهن الصريح ولاحق     مغاوير فيها للأريب معقب

                                                          ويروى من آل الصريح وأعوج ، غلبت الصفة على هذا الفحل فصارت له اسما . وأتاه بالأمر صراحية أي خالصا . وخمر صراح وصراحية : خالصة . وكأس صراح : لم تشب بمزج ، وفي حديث أم معبد :


                                                          دعاها بشاة حائل فتحلبت     له بصريح ضرة الشاة مزبد

                                                          أي لبن خالص لم يمذق . والضرة : أصل الضرع . وفي حديث ابن عباس : سئل متى يحل شراء النخل ، قال : حين يصرح ، قيل : وما التصريح ؟ قال : حين يستبين الحلو من المر ، قال الخطابي : هكذا يروى ويفسر والصواب يصوح بالواو وسيذكر في موضعه . والصراحية : آنية للخمر ، قال ابن دريد : ولا أدري ما صحته . والصرح بالتحريك : الأبيض الخالص من كل شيء ؛ قال المتنخل الهذلي :


                                                          تعلو السيوف بأيديهم جماجمهم     كما يفلق مرو الأمعز الصرح

                                                          وأورد الأزهري والجوهري هذا البيت مستشهدا به على الخالص من غير تقييد بالأبيض . وأبيض صراح كلياح : خالص ناصع . والصريح : اللبن إذا ذهبت رغوته . ولبن صريح : ساكن الرغوة خالص . وفي المثل : برز الصريح بجانب المتن يضرب هذا للأمر الذي وضح . وناقة مصراح : قليلة الرغوة خالصة اللبن ؛ الأزهري : يقال للناقة التي لا ترغي : مصراح يفتر شخبها ، ولا ترغي أبدا . وبول صريح : خالص ليس عليه رغوة ؛ قال الأزهري : يقال للبن والبول صريح إذا لم يكن فيه رغوة ؛ قال أبو النجم :


                                                          يسوف من أبوالها الصريحا

                                                          وصريح النصح : محضه . ويوم مصرح أي ليس فيه سحاب ؛ وهو في شعر الطرماح في قوله يصف ذئبا :


                                                          إذا امتل يهوي قلت ظل طخاءة     ذرى الريح في أعقاب يوم مصرح

                                                          امتل : عدا . وطخاءة : سحابة خفيفة أي ذراه الريح في يوم مصح ، شبه الذئب في عدوه في الأرض بسحابة خفيفة في ناحية من نواحي السماء . وصرحت الخمر تصريحا : انجلى زبدها فخلصت ، وهو التصريح تقول : قد صرحت من بعد تهدار وإزباد . وتصرح الزبد عنها : انجلى فخلص ، قال الأعشى :


                                                          كميتا تكشف عن حمرة     إذا صرحت بعد إزبادها

                                                          وانصرح الحق أي بان . وكذب صرحان : خالص عن اللحياني . ولقيته مصارحة ومقارحة وصراحا وصراحا وكفاحا بمعنى واحد إذا لقيته مواجهة ، قال :


                                                          قد كنت أنذرت أخا مناح     عمرا وعمرو وعرضة الصراح

                                                          وشتمت فلانا مصارحة وصراحا وصراحا أي كفاحا ومواجهة ، والاسم الصراح بالضم . وكذب صراحية وصراحي وصراح : بين يعرفه الناس . وتكلم بذلك صراحا وصراحا أي جهارا . ويقال : جاء بالكفر صراحا خالصا أي جهارا ؛ قال الأزهري : كأنه أراد صريحا . وصرح فلان بما في نفسه وصارح : أبداه وأظهره ؛ وأنشد أبو زياد :


                                                          وإني لأكنو عن قذور بغيرها     وأعرب أحيانا بها فأصارح
                                                          أمنحدرا ترمي بك العيس غربة     ومصعدة برح لعينيك بارح

                                                          وفي المثل : صرح الحق عن محضه أي انكشف . الأزهري : وصرح الشيء وصرحه وأصرحه إذا بينه وأظهره ، ويقال : صرح فلان ما في نفسه تصريحا إذا أبداه . والتصريح : خلاف التعريض ؛ ومن أمثال العرب : صرحت بجدان وجلدان إذا أبدى الرجل أقصى ما يريده . والصراح : اللبن الرقيق الذي أكثر ماؤه فترى في بعضه سمرة من مائه وخضرة . والصراح : عرق الدابة يكون في اليد كذا حكاه كراع بالراء والمعروف الصماح . والصرح : بيت واحد يبنى منفردا ضخما طويلا في السماء ، وقيل : هو القصر ؛ وقيل : هو كل بناء عال مرتفع ، وفي التنزيل : إنه صرح ممرد من قوارير ؛ والجمع صروح ؛ قال أبو ذؤيب :


                                                          على طرق كنحور الظبا     ء تحسب آرامهن الصروحا

                                                          وقال الزجاج في قوله تعالى : قيل لها ادخلي الصرح ؛ قال : الصرح في اللغة القصر والصحن ؛ يقال : هذا صرحة الدار وقارعتها أي ساحتها وعرصتها ، وقال بعض المفسرين : الصرح بلاط اتخذ لها من قوارير . والصرح : الأرض المملسة . والصرحة : متن من الأرض مستو . والصرحة من الأرض : ما استوى وظهر ، يقال : هم في صرحة المربد وصرحة الدار ، وهو ما استوى وظهر ، وإن لم يظهر ، فهو صرحة بعد أن يكون مستويا حسنا ، قال : وهي الصحراء فيما زعم أبو أسلم ؛ وأنشد للراعي :


                                                          كأنها حين فاض الماء واختلفت     فتخاء لاح لها بالصرحة الذيب

                                                          والصرحة : موضع . وصرواح : حصن باليمن أمر سليمان عليه السلام الجن فبنوه لبلقيس ، وهو في الصحاح معرف بالألف واللام . وتقول : صرحت كحل أي أجدبت وصارت صريحة أي خالصة في الشدة ، وكذلك تقول : صرحت السنة إذا ظهرت جدوبتها ، قال سلامة بن جندل :


                                                          قوم إذا صرحت كحل بيوتهم     مأوى الضيوف ومأوى كل قرضوب

                                                          القرضوب : الفقير . والصمارح بالضم : الخالص من كل شيء والميم زائدة . ويروى الصمادح بالدال ؛ قال الجوهري : ولا أظنه محفوظا .

                                                          [ ص: 222 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية