بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الرهن باب الرهن في الحضر وقوله تعالى وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة
2373 حدثنا حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن قتادة رضي الله عنه قال أنس ولا أمسى وإنهم لتسعة أبيات ما أصبح لآل محمد صلى الله عليه وسلم إلا صاع ولقد رهن النبي صلى الله عليه وسلم درعه بشعير ومشيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سنخة ولقد سمعته يقول
كتاب الرهن
التالي
السابق
[ ص: 167 ] قوله : ( حدثنا مسلم بن إبراهيم ) تقدم في أوائل البيوع مقرونا بإسناد آخر ، وساقه هناك على لفظه وهنا على لفظ مسلم بن إبراهيم .
قوله : ( ولقد رهن درعه ) هو معطوف على شيء محذوف ، بينه أحمد من طريق أبان العطار عن قتادة عن أنس " أن يهوديا دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجابه " والدرع بكسر المهملة يذكر ويؤنث .
قوله : ( بشعير ) وقع في أوائل البيوع من هذا الوجه بلفظ بالمدينة عند يهودي وأخذ منه شعيرا لأهله وهذا اليهودي هو ولقد رهن النبي - صلى الله عليه وسلم - درعا له أبو الشحم ، بينه ثم الشافعي من طريق البيهقي عن أبيه جعفر بن محمد انتهى ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رهن درعا له عند أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر في شعير وأبو الشحم بفتح المعجمة وسكون المهملة اسمه كنيته ، وظفر بفتح الظاء والفاء بطن من الأوس وكان حليفا لهم ، وضبطه بعض المتأخرين بهمزة موحدة ممدودة ومكسورة ، اسم الفاعل من الإباء ، وكأنه التبس عليه بأبي اللحم الصحابي ، وكان قدر الشعير المذكور ثلاثين صاعا كما سيأتي للمصنف من حديث عائشة في الجهاد وأواخر المغازي . وكذلك رواه أحمد وابن ماجه وغيرهم من طريق والطبراني عكرمة عن ابن عباس ، وأخرجه الترمذي من هذا الوجه فقالا : " بعشرين " ولعله كان دون الثلاثين فجبر الكسر تارة وألغى أخرى ، ووقع والنسائي من طريق لابن حبان شيبان عن قتادة عن أنس أن قيمة الطعام كانت دينارا وزاد أحمد من طريق شيبان الآتية في آخره " فما وجد ما يفتكها به حتى مات " .
قوله : ( ومشيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبز شعير وإهالة سنخة ) والإهالة بكسر الهمزة وتخفيف الهاء ما أذيب من الشحم والألية ، وقيل هو كل دسم جامد ، وقيل ما يؤتدم به من الأدهان ، وقوله : " سنخة " بفتح المهملة وكسر النون بعدها معجمة مفتوحة أي المتغيرة الريح ، ويقال فيها بالزاي أيضا . ووقع لأحمد من طريق شيبان عن قتادة عن أنس " " فكأن اليهودي دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - على لسان لقد دعي نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم على خبز شعير وإهالة سنخة أنس فلهذا قال : " مشيت إليه " بخلاف ما يقتضيه ظاهره أنه حضر ذلك إليه .
قوله : ( ولقد سمعته ) فاعل " سمعت " أنس والضمير للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو فاعل يقول ، وجزم الكرماني بأنه أنس وفاعل سمعت قتادة ، وقد أشرت إلى الرد عليه في أوائل البيوع . وقد أخرجه أحمد من طريق وابن ماجه شيبان المذكورة بلفظ " ولقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : والذي نفس محمد بيده " فذكر الحديث لفظ ابن ماجه وساقه أحمد بتمامه .
قوله : ( ما أصبح لآل محمد إلا صاع ولا أمسى ) كذا للجميع ، وكذا ذكره في " الجمع " ، وأخرجه الحميدي أبو نعيم في " المستخرج " من طريق الكجي عن مسلم بن إبراهيم شيخ فيه بلفظ " البخاري محمد ولا أمسى إلا صاع " وخولف ما أصبح لآل مسلم بن إبراهيم في ذلك فأخرجه أحمد عن أبي عامر من طريقه والإسماعيلي من طريق والترمذي ابن أبي عدي ومعاذ بن هشام من طريق والنسائي هشام بلفظ " محمد صاع من تمر ولا صاع من حب " وتقدم من وجه آخر في أوائل البيوع بلفظ " بر " بدل تمر . ما أمسى في آل
[ ص: 168 ] قوله : ( وإنهم لتسعة أبيات ) في رواية المذكورين " وإن عنده يومئذ لتسع نسوة " وسيأتي سياق أسمائهن في كتاب المناقب إن شاء الله تعالى . ومناسبة ذكر أنس لهذا القدر مع ما قبله الإشارة إلى سبب قوله - صلى الله عليه وسلم - هذا وأنه لم يقله متضجرا ولا شاكيا - معاذ الله من ذلك - وإنما قاله معتذرا عن إجابته دعوة اليهودي ولرهنه عنده درعه ، ولعل هذا هـو الحامل الذي زعم بأن قائل ذلك هو أنس فرارا من أن يظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك بمعنى التضجر والله أعلم .
وفي الحديث جواز وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم ، واستنبط منه جواز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم عين المتعامل فيه . وفيه جواز معاملة من أكثر ماله حرام وغير ذلك من الكافر ما لم يكن حربيا ، وفيه بيع السلاح ورهنه وإجارته أهل الذمة في أيديهم ، وجواز ثبوت أملاك واتخاذ الشراء بالثمن المؤجل وأن قنية آلة الحرب لا تدل على تحبيسها قاله الدروع والعدد وغيرها من آلات الحرب وأنه غير قادح في التوكل ، ابن المنير ، وأن أكثر قوت ذلك العصر الشعير قاله الداودي ، وأن القول قول المرتهن في قيمة المرهون مع يمينه حكاه ابن التين . وفيه والكرم الذي أفضى به إلى عدم الادخار حتى احتاج إلى رهن درعه ، ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من التواضع والزهد في الدنيا والتقلل منها مع قدرته عليها ، وفضيلة لأزواجه لصبرهن معه على ذلك ، وفيه غير ذلك مما مضى ويأتي . والصبر على ضيق العيش والقناعة باليسير ،
قال العلماء : إما لبيان الجواز ، أو لأنهم لم يكن عندهم إذ ذاك طعام فاضل عن حاجة غيرهم أو خشي أنهم لا يأخذون منه ثمنا أو عوضا فلم يرد التضييق عليهم ، فإنه لا يبعد أن يكون فيهم إذ ذاك من يقدر على ذلك وأكثر منه فلعله لم يطلعهم على ذلك ، وإنما أطلع عليه من لم يكن موسرا به ممن نقل ذلك . والله أعلم . الحكمة في عدوله - صلى الله عليه وسلم - عن معاملة مياسير الصحابة إلى معاملة اليهود
قوله : ( باب من رهن درعه ) ذكر فيه حديث الأعمش ( قال تذاكرنا عند ) هو النخعي ( الرهن والقبيل ) بفتح القاف وكسر الموحدة أي الكفيل وزنا ومعنى . إبراهيم
قوله : ( اشترى من يهودي ) تقدم التعريف به في الباب الذي قبله .
قوله : ( طعاما إلى أجل ) تقدم جنسه في الباب الذي قبله ، وأما الأجل ففي صحيح من طريق ابن حبان عبد الواحد بن زياد عن الأعمش أنه سنة .
قوله : ( ورهنه درعه ) تقدم في أوائل البيوع من طريق عبد الواحد عن الأعمش بلفظ " ورهنه [ ص: 169 ] درعا من حديد " واستدل به على جواز وسيذكر في الذي بعده . ووقع في أواخر المغازي من طريق بيع السلاح من الكافر الثوري عن الأعمش بلفظ " " وفي حديث توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة أنس عند أحمد " فما وجد ما يفتكها به " وفيه دليل على أن المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث " أبي هريرة " قيل : هذا محله في غير نفس الأنبياء فإنها لا تكون معلقة بدين فهي خصوصية ، وهو حديث صححه نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه وغيره " ابن حبان " وإليه جنح من لم يترك عند صاحب الدين ما يحصل له به الوفاء وذكر الماوردي ابن الطلاع في " الأقضية النبوية " أن أبا بكر افتك الدرع بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لكن روى ابن سعد عن جابر أن أبا بكر قضى عدات النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن عليا قضى ديونه " وروى إسحاق ابن راهويه في مسنده عن الشعبي مرسلا " أن أبا بكر افتك الدرع وسلمها " وأما من أجاب بأنه - صلى الله عليه وسلم - افتكها قبل موته فمعارض بحديث لعلي بن أبي طالب عائشة رضي الله عنها .
قوله : ( ولقد رهن درعه ) هو معطوف على شيء محذوف ، بينه أحمد من طريق أبان العطار عن قتادة عن أنس " أن يهوديا دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجابه " والدرع بكسر المهملة يذكر ويؤنث .
قوله : ( بشعير ) وقع في أوائل البيوع من هذا الوجه بلفظ بالمدينة عند يهودي وأخذ منه شعيرا لأهله وهذا اليهودي هو ولقد رهن النبي - صلى الله عليه وسلم - درعا له أبو الشحم ، بينه ثم الشافعي من طريق البيهقي عن أبيه جعفر بن محمد انتهى ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رهن درعا له عند أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر في شعير وأبو الشحم بفتح المعجمة وسكون المهملة اسمه كنيته ، وظفر بفتح الظاء والفاء بطن من الأوس وكان حليفا لهم ، وضبطه بعض المتأخرين بهمزة موحدة ممدودة ومكسورة ، اسم الفاعل من الإباء ، وكأنه التبس عليه بأبي اللحم الصحابي ، وكان قدر الشعير المذكور ثلاثين صاعا كما سيأتي للمصنف من حديث عائشة في الجهاد وأواخر المغازي . وكذلك رواه أحمد وابن ماجه وغيرهم من طريق والطبراني عكرمة عن ابن عباس ، وأخرجه الترمذي من هذا الوجه فقالا : " بعشرين " ولعله كان دون الثلاثين فجبر الكسر تارة وألغى أخرى ، ووقع والنسائي من طريق لابن حبان شيبان عن قتادة عن أنس أن قيمة الطعام كانت دينارا وزاد أحمد من طريق شيبان الآتية في آخره " فما وجد ما يفتكها به حتى مات " .
قوله : ( ومشيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبز شعير وإهالة سنخة ) والإهالة بكسر الهمزة وتخفيف الهاء ما أذيب من الشحم والألية ، وقيل هو كل دسم جامد ، وقيل ما يؤتدم به من الأدهان ، وقوله : " سنخة " بفتح المهملة وكسر النون بعدها معجمة مفتوحة أي المتغيرة الريح ، ويقال فيها بالزاي أيضا . ووقع لأحمد من طريق شيبان عن قتادة عن أنس " " فكأن اليهودي دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - على لسان لقد دعي نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم على خبز شعير وإهالة سنخة أنس فلهذا قال : " مشيت إليه " بخلاف ما يقتضيه ظاهره أنه حضر ذلك إليه .
قوله : ( ولقد سمعته ) فاعل " سمعت " أنس والضمير للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو فاعل يقول ، وجزم الكرماني بأنه أنس وفاعل سمعت قتادة ، وقد أشرت إلى الرد عليه في أوائل البيوع . وقد أخرجه أحمد من طريق وابن ماجه شيبان المذكورة بلفظ " ولقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : والذي نفس محمد بيده " فذكر الحديث لفظ ابن ماجه وساقه أحمد بتمامه .
قوله : ( ما أصبح لآل محمد إلا صاع ولا أمسى ) كذا للجميع ، وكذا ذكره في " الجمع " ، وأخرجه الحميدي أبو نعيم في " المستخرج " من طريق الكجي عن مسلم بن إبراهيم شيخ فيه بلفظ " البخاري محمد ولا أمسى إلا صاع " وخولف ما أصبح لآل مسلم بن إبراهيم في ذلك فأخرجه أحمد عن أبي عامر من طريقه والإسماعيلي من طريق والترمذي ابن أبي عدي ومعاذ بن هشام من طريق والنسائي هشام بلفظ " محمد صاع من تمر ولا صاع من حب " وتقدم من وجه آخر في أوائل البيوع بلفظ " بر " بدل تمر . ما أمسى في آل
[ ص: 168 ] قوله : ( وإنهم لتسعة أبيات ) في رواية المذكورين " وإن عنده يومئذ لتسع نسوة " وسيأتي سياق أسمائهن في كتاب المناقب إن شاء الله تعالى . ومناسبة ذكر أنس لهذا القدر مع ما قبله الإشارة إلى سبب قوله - صلى الله عليه وسلم - هذا وأنه لم يقله متضجرا ولا شاكيا - معاذ الله من ذلك - وإنما قاله معتذرا عن إجابته دعوة اليهودي ولرهنه عنده درعه ، ولعل هذا هـو الحامل الذي زعم بأن قائل ذلك هو أنس فرارا من أن يظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك بمعنى التضجر والله أعلم .
وفي الحديث جواز وعدم الاعتبار بفساد معتقدهم ومعاملاتهم فيما بينهم ، واستنبط منه جواز معاملة الكفار فيما لم يتحقق تحريم عين المتعامل فيه . وفيه جواز معاملة من أكثر ماله حرام وغير ذلك من الكافر ما لم يكن حربيا ، وفيه بيع السلاح ورهنه وإجارته أهل الذمة في أيديهم ، وجواز ثبوت أملاك واتخاذ الشراء بالثمن المؤجل وأن قنية آلة الحرب لا تدل على تحبيسها قاله الدروع والعدد وغيرها من آلات الحرب وأنه غير قادح في التوكل ، ابن المنير ، وأن أكثر قوت ذلك العصر الشعير قاله الداودي ، وأن القول قول المرتهن في قيمة المرهون مع يمينه حكاه ابن التين . وفيه والكرم الذي أفضى به إلى عدم الادخار حتى احتاج إلى رهن درعه ، ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من التواضع والزهد في الدنيا والتقلل منها مع قدرته عليها ، وفضيلة لأزواجه لصبرهن معه على ذلك ، وفيه غير ذلك مما مضى ويأتي . والصبر على ضيق العيش والقناعة باليسير ،
قال العلماء : إما لبيان الجواز ، أو لأنهم لم يكن عندهم إذ ذاك طعام فاضل عن حاجة غيرهم أو خشي أنهم لا يأخذون منه ثمنا أو عوضا فلم يرد التضييق عليهم ، فإنه لا يبعد أن يكون فيهم إذ ذاك من يقدر على ذلك وأكثر منه فلعله لم يطلعهم على ذلك ، وإنما أطلع عليه من لم يكن موسرا به ممن نقل ذلك . والله أعلم . الحكمة في عدوله - صلى الله عليه وسلم - عن معاملة مياسير الصحابة إلى معاملة اليهود
قوله : ( باب من رهن درعه ) ذكر فيه حديث الأعمش ( قال تذاكرنا عند ) هو النخعي ( الرهن والقبيل ) بفتح القاف وكسر الموحدة أي الكفيل وزنا ومعنى . إبراهيم
قوله : ( اشترى من يهودي ) تقدم التعريف به في الباب الذي قبله .
قوله : ( طعاما إلى أجل ) تقدم جنسه في الباب الذي قبله ، وأما الأجل ففي صحيح من طريق ابن حبان عبد الواحد بن زياد عن الأعمش أنه سنة .
قوله : ( ورهنه درعه ) تقدم في أوائل البيوع من طريق عبد الواحد عن الأعمش بلفظ " ورهنه [ ص: 169 ] درعا من حديد " واستدل به على جواز وسيذكر في الذي بعده . ووقع في أواخر المغازي من طريق بيع السلاح من الكافر الثوري عن الأعمش بلفظ " " وفي حديث توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة أنس عند أحمد " فما وجد ما يفتكها به " وفيه دليل على أن المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث " أبي هريرة " قيل : هذا محله في غير نفس الأنبياء فإنها لا تكون معلقة بدين فهي خصوصية ، وهو حديث صححه نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه وغيره " ابن حبان " وإليه جنح من لم يترك عند صاحب الدين ما يحصل له به الوفاء وذكر الماوردي ابن الطلاع في " الأقضية النبوية " أن أبا بكر افتك الدرع بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لكن روى ابن سعد عن جابر أن أبا بكر قضى عدات النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن عليا قضى ديونه " وروى إسحاق ابن راهويه في مسنده عن الشعبي مرسلا " أن أبا بكر افتك الدرع وسلمها " وأما من أجاب بأنه - صلى الله عليه وسلم - افتكها قبل موته فمعارض بحديث لعلي بن أبي طالب عائشة رضي الله عنها .