الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن في ذلك أي الإهلاك أو ما ذكر في السورة لذكرى لتذكرة وعظة لمن كان له قلب أي قلب واع يدرك الحقائق فإن الذي لا يعي ولا يفهم بمنزلة العدم ، وفي الكشف لمن كان إلخ تمثيل أو ألقى السمع أي أصغى إلى ما يتلى عليه من الوحي وهو شهيد أي حاضر على أنه من الشهود بمعنى الحضور ، والمراد به المتفطن لأن غير المتفطن منزل منزلة الغائب فهو إما [ ص: 192 ] استعارة أو مجاز مرسل والأول أولى ، وجوز أن يكون من الشهادة وصفا للمؤمن لأنه شاهد على صحة المنزل وكونه وحيا من الله تعالى فيبعثه على حسن الإصغاء أو وصفا له من قوله تعالى : لتكونوا شهداء على الناس كأنه قيل : وهو من جملة الشهداء أي المؤمنين من هذه الأمة فهو كناية على الوجهين ، وجوز على الأول منهما أن لا يكون كناية على أن المراد وهو شاهد شهادة عن إيقان لا كشهادة أهل الكتاب .

                                                                                                                                                                                                                                      وعن قتادة المعنى لمن سمع القرآن من أهل الكتاب وهو شاهد على صدقه لما يجده في كتابه من نعته ، والأنسب بالمساق والأملأ بالفائدة الأخذ من الشهود ، والوجه جعل وهو شهيد حالا من ضمير الملقي لا عطفا على ( ألقى ) كما لا يخفى على من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، والمراد أن فيما فعل بسوالف الأمم أو في المذكور أماما من الآيات لذكرى لإحدى طائفتين من له قلب يفقه عن الله عز وجل ومن له سمع مصغ مع ذهن حاضر أي لمن له استعداد القبول عن الفقيه إن لم يكن فقيها في نفسه ، و ( أو ) لمنع الخلو من حيث إنه يجوز أن يكون الشخص فقيها ومستعدا للقبول من الفقيه ، وذكر بعضهم أنها لتقسيم المتذكر إلى تال وسامع أو إلى فقيه ومتعلم أو إلى عالم كامل الاستعداد لا يحتاج لغير التأمل فيما عنده وقاصر محتاج للتعلم فيتذكر إذا أقبل بكليته وأزال الموانع بأسرها فتأمل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ السلمي وطلحة والسدي وأبو البرهسم (أو ألقي) مبنيا للمفعول ( السمع) بالرفع على النيابة عن الفاعل والفاعل المحذوف إما المعبر عنه بالموصول أولا ، وعلى الثاني معناه لمن ألقى غيره السمع وفتح أذنه ولم يحضر ذهنه ، وإما هو فقد ألقي وهو شاهد متفطن محضر ذهنه ، فالوصف أعني الشهود معتمد الكلام ، وإنما أخرج في الآية بهذه العبارة للمبالغة في تفطنه وحضوره ، وعلى الأول معناه لمن ألقى سمعه وهو حاضر متفطن ، ثم لو قدر موصول آخر بعد ( أو ) فذو القلب والملقي غير أن شخصا ولو لم يقدر جاز أن يكونا شخصين وأن يكونا شخصا باعتبار حالين حال تفطنه بنفسه وحال إلقائه السمع عن حضور إلى متفطن بنفسه لأن (من) عام يتناول كل واحد واحد

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية