الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 343 ] 457 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب

2905 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، قال : حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، عن أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون ، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة ، والإمام يخطب .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب .

وقد وجدنا عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يحتبون يوم الجمعة ، والإمام يخطب .

فمن ذلك ما قد .

حدثنا يونس ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن نافع [ ص: 344 ] أن ابن عمر كان يحتبي يوم الجمعة ، والإمام يخطب ، وربما نعس حتى يضرب بجبهته حبوته .

ومن ذلك ما قد .

حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا خالد بن حيان الرقي ، عن سليمان بن عبد الله بن الزبرقان ، عن يعلى بن شداد بن أوس قال : كنت ببيت المقدس ، ومعاوية يخطب الناس ، وكلهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيتهم محتبين .

[ ص: 345 ] قال أبو جعفر : ومثل هذا من نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعد أن يخفى عن جماعتهم ، ففي استعمالهم ما قد رويناه عنهم في هذه الآثار ما قد دل على أن معنى النهي الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ليس هو الحبوة التي كانوا يفعلونها والإمام يخطب ؛ لأنهم مأمونون على ما فعلوا ، كما هم مأمونون على ما رووا ، ولما كان ذلك كذلك كان الأولى بنا أن نحملها على الحبوة المستأنفة في حال الخطبة ؛ لأنه مكروه في الخطبة الاشتغال بغيرها ، والإقبال على ما سواها ، وتكون الحبوة التي كانوا يفعلونها حبوة كانوا يستعملونها قبل الخطبة ، فيخطب الإمام وهم فيها ، حتى يفرغ منها وهم عليها ، ويكون ما نهاهم عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى ذلك مما يستأنفونه وإمامهم يخطب ، فيكونون بذلك متشاغلين عن الإقبال على ما أمروا بالإقبال عليه ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية