الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وهذا البلد الأمين [3] وهذه اللغة الفصيحة، والاسم منه ذا عند البصريين وها للتنبيه، وعند الكوفيين الاسم الذال ولم يعرب؛ لأنه اسم غير متمكن ينتقل فأشبه الحروف؛ لأنه غير ثابت على مسمى فوجب أن لا يعرب.

                                                                                                                                                                                                                                        وقال بعض النحويين: لأن في آخره ألفا، والألف لا يتحرك. قال الفراء : ولو حركت صارت همزة. وقال الخليل - رحمه الله -: الألف حرف هوائي فمحال أن يحرك؛ لأنه بمنزلة الحركة ولا تحرك الحركة.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : وذا اسم ظاهر، يدل على ذلك كسر اللام معه. وقد قال بعض النحويين جوابا لمن سأل: لم حركت المضمرات ولم تحرك المبهمة؟ أن المضمرات في مواضع الأسماء المعربة، وكانت لها مزية فحركت.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : وسمعت أبا بكر بن شقير يحكي هذا، وهو جواب حسن محصل. فأما الفراء فخلط الجميع فقال: من قال: هو زيد بإسكان الواو قال: هذا زيد، ومن قال: هو زيد قال: هذا أي زيد، ومن قال: هو زيد بتشديد الواو قال: هذاه زيد.

                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : وبيان التخليط في هذا بين؛ لأن قولك هو بإسكان الواو لغة شاذة، وقولك هذا لغة بها جاء القرآن، فكيف تحاذي إحداهما الأخرى إلا أن يتحاذيا من جهة أخرى على قوله؟ وذلك أن قولك هو الاسم منه عنده الهاء، والاسم من هذا الذال، وهذا قوله بلا اختلاف عنه. ومن التخليط أن قولك: ( هذاه ) الهاء عنده فيه لبيان الحركة، وقد أثبتها في الوصل، وزعم الفراء أن الدليل على أن الاسم الذال في هذا قول العرب [ ص: 256 ] في التثنية: هذان، فأسقطوا الألف، وهذا لا يلزم؛ لأن الألف إنما سقطت في التثنية لالتقاء الساكنين، ولم يجز قلبها فيقال: هذيان ولا هذوان؛ لأنه لا يعلم أنها منقلبة من ياء ولا واو فتقلب إلى إحداهما، فلم يبق إلا الحذف ( البلد الأمين ) نعت، وإن شئت بدل، وإن شئت عطف البيان، وزعم الفراء أن الأمين بمعنى الآمن وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                        575 - ألم تعلمي يا اسم ويحك أنني حلفت يمينا لا أخون أميني



                                                                                                                                                                                                                                        قال أبو جعفر : وخولف الفراء في هذا فقيل: أمين بمعنى مأمون في الآية والبيت جميعا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية