الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد

                                                                                                                                                                                                                                      وجاءت سكرة الموت بالحق بعدما ذكر استبعادهم للبعث والجزاء وأزيح ذلك بتحقيق قدرته تعالى وعلمه وبين أن جميع أعمالهم محفوظة مكتوبة عليهم أتبع ذلك ببيان ما يلاقونه لا محالة من الموت والبعث وما يتفرع عليه من الأحوال والأهوال، وقد عبر عن وقوع كل منها بصيغة الماضي إيذانا بتحقيقها وغاية اقترابها وسكرة الموت شدته الذاهبة بالعقل، والباء إما للتعدية كما في قولك: "جاء الرسول بالخبر" والمعنى: أحضره سكرة الموت حقيقة الأمر الذي نطقت به كتب الله ورسله أو حقيقة الأمر وجلية الحال من سعادة الميت وشقاوته. وقيل: الحق الذي لا بد أن يكون لا محالة من الموت أو الجزاء فإن الإنسان خلق له، وإما للملابسة كالتي في قوله تعالى: تنبت بالدهن أي: ملتبسة بالحق أي: بحقيقة الأمر أو بالحكمة والغاية الجميلة، وقرئ "سكرة الحق بالموت" والمعنى: أنها السكرة التي كتبت على الإنسان بموجب الحكمة وأنها لشدتها توجب زهوق الروح أو تستعقبه. وقيل: الباء بمعنى مع. وقيل: سكرة الحق: سكرة الله تعالى على أن الإضافة للتهويل، [ ص: 130 ] وقرئ "سكرات الموت". ذلك أي: الموت. ما كنت منه تحيد أي: تميل وتنفر عنه، والخطاب للإنسان فإن النفرة عنه شاملة لكل فرد من أفراده طبعا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية