الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              217 [ ص: 126 ] (باب في آيات النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان به)

                                                                                                                              وقال النووي: «باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته» .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 186 جـ2 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة» رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر ) . «آمن» بالمد وفتح الميم. «ومثله» مرفوع.

                                                                                                                              والمعنى: أن كل نبي أعطي من المعجزات ما كان مثله لمن كان قبله من الأنبياء، فآمن به البشر.

                                                                                                                              وأما معجزتي العظيمة الظاهرة فهي القرآن الذي لم يعط أحد مثله؛ فلهذا قال: (وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ) .

                                                                                                                              [ ص: 127 ] وقيل: معناه: أن الذي أوتيته لا يتطرق إليه تخييل بسحر وشبهة؛ بخلاف معجزة غيري، فإنه قد يخيل الساحر بشيء مما يقارب صورتها.

                                                                                                                              كما خيلت السحرة في صورة عصى موسى عليه السلام. «والخيال» قد يروج على بعض العوام.

                                                                                                                              والفرق بين «المعجزة والسحر والتخييل» . يحتاج إلى فكر ونظر؛ وقد يخطئ الناظر فيعتقدهما سواء.

                                                                                                                              وقيل: معناه أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم، ولم يشاهدها إلا من حضرها بحضرتهم، ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم القرآن المستمر إلى يوم القيامة مع خرق العادة في أسلوبه، وبلاغته، وإخباره بالمغيبات، وعجز الجن والإنس عن أن يأتوا بسورة من مثله، مجتمعين؛ أو متفرقين: في جميع الأعصار مع اعتنائهم بمعارضته، فلم يقدروا، وهم أفصح القرون، مع غير ذلك من وجوه إعجازه المعروفة.

                                                                                                                              قلت: ولا مانع من إرادة الجميع في معنى هذا الحديث، وبحث إعجاز القرآن ذكرناه في آخر كتابنا. «البلغة إلى أصول اللغة» فراجع.

                                                                                                                              وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فإنه أخبر صلى الله عليه وسلم بهذا في زمن قلة المسلمين؛ ثم من الله تعالى وفتح على المسلمين البلاد وبارك فيهم حتى انتهى الأمر واتسع الإسلام إلى هذه الغاية المعروفة، ولله الحمد على هذه النعمة وسائر نعمه التي لا تحصى، وبالله التوفيق.




                                                                                                                              الخدمات العلمية