الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : فعتوا عن أمر ربهم يدل على أن العتو مؤخر ، وأجيب بأن هذا مرتب على تمام القصة كأنه قيل : وجعلنا في زمان قولنا ذلك لثمود آية أو وفي زمان قولنا ذلك لثمود آية ، ثم أخذ في بيان كونه آية فقيل : فعتوا عن أمر ربهم أي فاستكبروا عن الامتثال به إلى الآخر ، فالفاء للتفصيل قال في الكشف . وهو الظاهر من هذا المساق ، وكذلك قوله تعالى : فتولى بركنه مرتب على القصة زمان إرسال موسى عليه السلام بالسلطان وإن كان هناك لا مانع من الترتب على الإرسال وذلك لأنه جيء بالظرف مجيء الفضلة حيث جعل فيه الآية ، والقصة من توليهم إلى هلاكهم انتهى ، وقال الحسن : هذا أي - القول لهم تمتعوا حتى حين - كان حين بعث إليهم صالح أمروا بالإيمان بما جاء به ، والتمتع إلى أن تأتي آجالهم - ثم عتوا بعد ذلك - قال في البحر : ولذلك جاء العطف بالفاء المقتضية تأخر العتو عما أمروا به فهو مطابق لفظا ووجودا واختاره الإمام فقال : قال بعض المفسرين : المراد بالحين الأيام الثلاثة التي أمهلوها بعد عقر الناقة وهو ضعيف لأن ترتب فعتوا بالفاء دليل على أن العتو كان بعد القول المذكور ، فالظاهر أنه ما قدر الله تعالى من الآجال فما من أحد إلا وهو ممهل مدة الأجل كأنه يقول له . تمتع إلى آخر أجلك فإن أحسنت فقد حصل لك التمتع في الدارين وإلا فما لك في الآخرة من نصيب انتهى ، وما تقدم أبعد مغزى فأخذتهم الصاعقة أي أهلكتهم ، روي أن صالحا عليه السلام وعدهم الهلاك بعد ثلاثة أيام ، وقال لهم : تصبح وجوهكم غدا مصفرة . وبعد غد محمرة . واليوم الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب . ولما رأوا الآيات التي بينها عليه السلام عمدوا إلى قتله فنجاه الله تعالى فذهب إلى أرض فلسطين ولما كان ضحوة اليوم الرابع تحنطوا وتكفنوا بالأنطاع فأتتهم الصاعقة وهي نار من السماء ، وقيل : صيحة منها فهلكوا ، وقرأ عمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما والكسائي الصعقة [ ص: 17 ] وهي المرة من الصعق بمعنى الصاعقة أيضا ، أو الصيحة وهم ينظرون إليها ويعاينونها ويحتاج إلى تنزيل المسموع منزلة المبصر على القول بأن الصاعقة الصيحة وأن المراد ينظرون إليها ، وقال مجاهد : ( ينظرون ) بمعنى ينتظرون أي وهم ينتظرون الأخذ والعذاب في تلك الأيام الثلاثة التي رأوا فيها علاماته وانتظار العذاب أشد من العذاب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية