الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الجروح في الجسد

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى في الشفتين الدية وهما سواء السفلى والعليا وأيهما قطعت كان فيها نصف الدية وقال أهل المدينة فيهما الدية جميعا ، فإن قطعت السفلى ففيها ثلثا الدية قال محمد بن الحسن ولم قال أهل المدينة هذا ؟ ألأن السفلى أنفع من العليا ؟ فقد فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإصبع الخنصر والإبهام فريضة واحدة فجعل في كل واحدة عشر الدية وروي ذلك عن ابن عباس عن { النبي صلى الله عليه وسلم قال الخنصر والإبهام سواء } مع آثار كثيرة معروفة قد جاءت فيها قال محمد بن الحسن أخبرنا مالك قال حدثنا داود بن الحصين أن أبا غطفان بن طريف المري أخبره أن مروان بن الحكم أرسله إلى ابن عباس يسأله ما في الضرس فقال ابن عباس فيه خمس من الإبل فردني مروان إلى ابن عباس فقال أفتجعل مقدم الفم كالأضراس ؟ فقال ابن عباس [ ص: 332 ] لولا أنك لا تعتبر ذلك إلا بالأصابع عقلها سواء فهذا مما يدلك على أن الشفتين عقلهما سواء وقد جاء في الشفتين سوى هذا آثار ( قال الشافعي ) الشفتان سواء والأصابع سواء والدية على الأسماء ليست على قدر المنافع وهكذا بلغني أن مالكا يقول وهو الذي قصد محمد بن الحسن قصد الرواية عنه رواية عن أهل المدينة فلم تكن ينبغي له إذا كان الذي قصد قصده بالرواية أن يروي عنه ما لا يقول ويروي عن غيره من أهل المدينة ما قد تركه مالك عليه إلا أن ينصه فيسمي من قال ذلك فأما أن يغالط به فليس ذلك له أسمعه إذا سمى واحدا من أهل المدينة في كل دهر أهل المدينة وهو يعيب على غيره أدنى من هذا ، فإن قال قائل ما الحجة في أن الشفتين والأصابع سواء ؟ قلنا له دلالة السنة ثم ما لم أعلم الفقهاء اختلفوا فيه ، فإن قال وما ذلك ؟ قيل قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأصابع بعشر عشر والأصابع مختلفة الجمال والمنفعة فلما رأيناه إنما قصد قصد الأسماء كان ينبغي في كل ما وقعت عليه الأسماء أن يكون هكذا وقال النبي صلى الله عليه وسلم { في العين خمسون وفي اليد خمسون } فلم أعلم الفقهاء اختلفوا في أن في اليسرى من اليدين ما في اليمنى واليمنى أنفع من اليسرى فلو كان إذ قال في اليد خمسون عنى بها اليمنى وكان للناس أن يفضلوا بين اليدين انبغى أن يكون في اليسرى أقل من خمسين ولو كان قصد في اليد التي جعل فيها خمسون قصد اليسرى انبغى أن يكون في اليمنى أكثر من خمسين فلما رأينا مذاهب الفقهاء على التسوية بينهما وأنهم إنما ذهبوا إلى الأسماء والسلامة فإذا جمع العضوان وأكثر الأسماء والسلامة كانا سواء وهكذا هذا في العينين والأسنان سواء والثنية أنفع من الرباعية وهما سواء في العقل .

التالي السابق


الخدمات العلمية