الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صفح

                                                          صفح : الصفح : الجنب . وصفح الإنسان : جنبه . وصفح كل شيء : جانبه . وصفحاه : جانباه . وفي حديث الاستنجاء : حجرين للصفحتين وحجرا للمسربة أي جانبي المخرج . وصفحه : ناحيته . وصفح الجبل : مضطجعه ، والجمع صفاح . وصفحة الرجل : عرض وجهه . ونظر إليه بصفح وجهه وصفحه أي بعرضه . وفي الحديث : غير مقنع رأسه ، ولا صافح بخده أي غير مبرز صفحة خده ولا مائل في أحد الشقين ، وفي شعر عاصم بن ثابت :


                                                          تزل عن صفحتي المعابل



                                                          أي أحد جانبي وجهه . ولقيه صفاحا أي استقبله بصفح وجهه هذه ؛ عن اللحياني . وصفح السيف وصفحه : عرضه ، والجمع أصفاح وصفحتا السيف : وجهاه . وضربه بالسيف مصفحا ومصفوحا ؛ عن ابن الأعرابي أي معرضا ، وضربه بصفح السيف ، والعامة تقول بصفح السيف مفتوحة أي بعرضه ، وقال الطرماح :


                                                          فلما تناهت وهي عجلى     كأنها على حرف سيف حده غير مصفح



                                                          [ ص: 247 ] وفي حديث سعد بن عبادة : لو وجدت معها رجلا لضربته بالسيف غير مصفح ، يقال : أصفحه بالسيف إذا ضربه بعرضه دون حده ، فهو مصفح ، والسيف مصفح يرويان معا . وقال رجل من الخوارج : لنضربنكم بالسيوف غير مصفحات . يقول : نضربكم بحدها لا بعرضها ، وقال الشاعر :


                                                          بحيث مناط القرط من غير مصفح     أجاذبه حد المقلد ضاربه



                                                          وصفحت فلانا وأصفحته جميعا إذا ضربته بالسيف مصفحا أي بعرضه . وسيف مصفح ومصفح : عريض ، وتقول : وجه هذا السيف مصفح أي عريض من أصفحته ؛ قال الأعشى :


                                                          ألسنا نحن أكرم إن نسبنا     وأضرب بالمهندة الصفاح



                                                          يعني العراض ؛ وأنشد :


                                                          وصدري مصفح للموت نهد     إذا ضاقت عن الموت الصدور



                                                          وقال بعضهم : المصفح العريض الذي له صفحات لم تستقم على وجه واحد كالمصفح من الرءوس له جوانب . ورجل مصفح الوجه : سهله حسنه ؛ عن اللحياني . وصفيحة الوجه : بشرة جلده . والصفحان والصفحتان : الخدان ، وهما اللحيان . والصفحان من الكتف : ما انحدر عن العين من جانبيهما ، والجمع صفاح . وصفحتا العنق : جانباه . وصفحتا الورق : وجهاه اللذان يكتبان . والصفيحة : السيف العريض ، وقال ابن سيده : الصفيحة من السيوف العريض ، وصفائح الرأس : قبائله ، واحدتها صفيحة . والصفائح : حجارة رقاق عراض ، والواحد كالواحد . والصفاح بالضم والتشديد : العريض ، قال : والصفاح من الحجارة كالصفائح ، الواحدة صفاحة ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وصفاحة مثل الفينق منحتها     عيال ابن حوب جنبته أقاربه



                                                          شبه الناقة بالصفاحة لصلابتها . وابن حوب : رجل مجهود محتاج ؛ لأن الحوب الجهد والشدة . ووجه كل شيء عريض : صفيحة . وكل عريض من حجارة أو لوح ونحوهما : صفاحة ، والجمع صفاح ، وصفيحة ، والجمع صفائح ، ومنه قول النابغة :


                                                          ويوقدن بالصفاح نار الحباحب

                                                          .

                                                          قال الأزهري : ويقال للحجارة العريضة صفائح ، واحدتها صفيحة وصفيح ؛ قال لبيد :


                                                          وصفائحا صما رواسيها يسددن الغضونا



                                                          وصفائح الباب : ألواحه . والصفاح من الإبل : التي عظمت أسنمتها فكاد سنام الناقة يأخذ قراها ، جمعها صفاحات وصفافيح . وصفحة الرجل : عرض صدره . والمصفح من الرءوس الذي ضغط من قبل صدغيه فطال ما بين جبهته وقفاه ، وقيل : المصفح الذي اطمأن جنبا رأسه ونتأ جبينه فخرجت وظهرت قمحدوته ؛ قال أبو زيد : من الرءوس المصفح إصفاحا ، وهو الذي مسح جنبا رأسه ونتأ جبينه فخرج وظهرت قمحدوته والأرأس مثل المصفح ، ولا يقال : رؤاسي ؛ وقال ابن الأعرابي : في جبهته صفح أي عرض فاحش ، وفي حديث ابن الحنفية : أنه ذكر رجلا مصفح الرأس أي عريضه . وتصفيح الشيء : جعله عريضا ؛ ومنه قولهم : رجل مصفح الرأس أي عريضها . والمصفحات : السيوف العريضة ، وهي الصفائح ، واحدتها صفيحة وصفيح ، وأما قول لبيد يصف سحابا :


                                                          كأن مصفحات في ذراه     وأنواحا عليهن المآلي



                                                          قال الأزهري : شبه البرق في ظلمة السحاب بسيوف عراض ؛ وقال ابن سيده : المصفحات السيوف ؛ لأنها صفحت حين طبعت ، وتصفيحها تعريضها ومطها ؛ ويروى بكسر الفاء ، كأنه شبه تكشف الغيث إذا لمع منه البرق فانفرج ، ثم التقى بعد خبوه بتصفيح النساء إذا صفقن بأيديهن . والتصفيح مثل التصفيق . وصفح الرجل بيديه : صفق . والتصفيح للنساء : كالتصفيق للرجال ؛ وفي حديث الصلاة : التسبيح للرجال والتصفيح للنساء ، ويروى أيضا بالقاف ، التصفيح والتصفيق واحد ؛ يقال : صفح وصفق بيديه ؛ قال ابن الأثير : هو من ضرب صفحة الكف على صفحة الكف الأخرى ، يعني إذا سها الإمام نبهه المأموم إن كان رجلا قال : سبحان الله ، وإن كانت امرأة ضربت كفها على كفها الأخرى عوض الكلام ؛ وروى بيت لبيد :


                                                          كأن مصفحات في ذراه



                                                          جعل المصفحات نساء يصفقن بأيديهن في مأتم شبه صوت الرعد بتصفيقهن ، ومن رواه مصفحات أراد بها السيوف العريضة شبه بريق البرق ببريقها . والمصافحة : الأخذ باليد : والتصافح مثله . والرجل يصافح الرجل إذا وضع صفح كفه في صفح كفه ، وصفحا كفيهما : وجهاهما ، ومنه حديث المصافحة عند اللقاء ، وهي مفاعلة من إلصاق صفح الكف بالكف وإقبال الوجه على الوجه . وأنف مصفح : معتدل القصبة مستويها بالجبهة . وصفح الكلب ذراعيه للعظم صفحا يصفحهما : نصبهما قال :


                                                          يصفح للقنة وجها جأبا     صفح ذراعيه لعظم كلبا



                                                          أراد : صفح كلب ذراعيه فقلب ؛ وقيل : هو أن يبسطهما ويصير العظم بينهما ليأكله ، وهذا البيت أورده الأزهري ، قال : وأنشد أبو الهيثم ، وذكره ، ثم قال : وصف حبلا عرضه فاتله حتى فتله فصار له وجهان ، فهو مصفوح أي عريض ، قال : قوله صفح ذراعيه أي كما يبسط الكلب ذراعيه على عرق يوتده على الأرض بذراعيه يتعرقه ، ونصب كلبا على التفسير ، وقوله أنشده ثعلب :


                                                          صفوح بخديها إذا طال جريها     كما قلب الكف الألد المماحك



                                                          [ ص: 248 ] عنى أنها تنصبهما وتقلبهما . وصفح القوم صفحا : عرضهم واحدا واحدا ، وكذلك صفح ورق المصحف ، وتصفح الأمر وصفحه : نظر فيه ؛ قال الليث : صفحت ورق المصحف صفحا . وصفح القوم وتصفحهم : نظر إليهم طالبا لإنسان . وصفح وجوههم وتصفحها : نظرها متعرفا لها . وتصفحت وجوه القوم إذا تأملت وجوههم تنظر إلى حلاهم وصورهم وتتعرف أمرهم ؛ وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          صفحنا الحمول للسلام بنظرة     فلم يك إلا ومؤها بالحواجب



                                                          أي تصفحنا وجوه الركاب . وتصفحت الشيء إذا نظرت في صفحاته . وصفحت الإبل على الحوض إذا أمررتها عليه ؛ وفي التهذيب : ناقة مصفحة ومصراة ومصواة ومصربة بمعنى واحد . وصفحت الشاة والناقة تصفح صفوحا : ولى لبنها . ابن الأعرابي : الصافح الناقة التي فقدت ولدها فغرزت وذهب لبنها ، وقد صفحت صفوحا . وصفح الرجل يصفحه صفحا وأصفحه : سأله فمنعه ؛ قال :


                                                          ومن يكثر التسآل يا حر لا يزل     يمقت في عين الصديق ويصفح



                                                          ويقال : أتاني فلان في حاجة فأصفحته عنها إصفاحا إذا طلبها فمنعته . وفي حديث أم سلمة : أهديت لي فدرة من لحم فقلت للخادم : ارفعيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هي قد صارت فدرة حجر فقصصت القصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لعله وقف على بابكم سائل فأصفحتموه . أي خيبتموه . قال ابن الأثير : يقال صفحته إذا أعطيته وأصفحته إذا حرمته . وصفحه عن حاجته يصفحه صفحا وأصفحه ، كلاهما : رده . وصفح عنه يصفح صفحا : أعرض عن ذنبه ، وهو صفوح وصفاح : عفو . والصفوح : الكريم لأنه يصفح عمن جنى عليه . واستصفحه ذنبه : استغفره إياه وطلب أن يصفح له عنه . وأما الصفوح من صفات الله عز وجل فمعناه العفو ، يقال : صفحت عن ذنب فلان وأعرضت عنه فلم أؤاخذه به ؛ وضربت عن فلان صفحا إذا أعرضت عنه وتركته ؛ فالصفوح في صفة الله : العفو عن ذنوب العباد معرضا عن مجازاتهم بالعقوبة تكرما . والصفوح في نعت المرأة : المعرضة صادة هاجرة فأحدهما ضد الآخر . ونصب قوله " صفحا " في قوله تعالى : أفنضرب عنكم الذكر صفحا على المصدر ؛ لأن معنى قوله : أنعرض عنكم الصفح ، وضرب الذكر رده وكفه ، وقد أضرب عن كذا أي كف عنه وتركه ، وفي حديث عائشة تصف أباها : صفوح عن الجاهلين أي كثير الصفح والعفو والتجاوز عنهم ، وأصله من الإعراض بصفحة وجهه كأنه أعرض بوجهه عن ذنبه . والصفوح من أبنية المبالغة . وقال الأزهري في قوله تعالى : أفنضرب عنكم الذكر صفحا ؛ المعنى : أفنعرض عن أن نذكركم إعراضا من أجل إسرافكم على أنفسكم في كفركم ، يقال : صفح عني فلان أي أعرض عنه موليا ، ومنه قول كثير يصف امرأة أعرضت عنه :


                                                          صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة     فمن مل منها ذلك الوصل ملت



                                                          وصفح الرجل يصفحه صفحا : سقاه أي شراب كان ومتى كان . والمصفح : الممال عن الحق ؛ وفي الحديث : قلب المؤمن مصفح على الحق أي ممال عليه كأنه قد جعل صفحه أي جانبه عليه ، وفي حديث حذيفة أنه قال : القلوب أربعة : فقلب أغلف فذلك قلب الكافر ، وقلب منكوس فذلك قلب رجع إلى الكفر بعد الإيمان ، وقلب أجرد مثل السراج يزهر فذلك قلب المؤمن ، وقلب مصفح اجتمع فيه النفاق والإيمان فمثل الإيمان فيه كمثل بقلة يمدها الماء العذب ، ومثل النفاق فيه كمثل قرحة يمدها القيح والدم ، وهو لأيهما غلب . المصفح الذي له وجهان : يلقى أهل الكفر بوجه وأهل الإيمان بوجه . وصفح كل شيء : وجهه وناحيته ، وهو معنى الحديث الآخر : من شر الرجال ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ، وهو المنافق . وجعل حذيفة قلب المنافق الذي يأتي الكفار بوجه وأهل الإيمان بوجه آخر ذا وجهين ؛ قال الأزهري : وقال شمر فيما قرأت بخطه : القلب المصفح زعم خالد أنه المضجع الذي فيه غل الذي ليس بخالص الدين ، وقال ابن بزرج : المصفح المقلوب ، يقال : قلبت السيف وأصفحته وصابيته ؛ والمصفح : المصابى الذي يحرف على حده إذا ضرب به ويمال إذا أرادوا أن يغمدوه . ويقال : صفح فلان عني أي أعرض بوجهه وولاني وجه قفاه ، وقوله أنشده ثعلب :


                                                          وناديت شبلا فاستجاب وربما     ضمنا القرى عشرا لمن لا نصافح



                                                          ويروى :


                                                          ضمنا قرى عشر لمن لا نصافح

                                                          .

                                                          فسره فقال : لمن لا نصافح أي لمن لا نعرف ، وقيل : للأعداء الذين لا يحتمل أن نصافحهم . والمصفح من سهام الميسر : السادس ، ويقال له : المسبل أيضا ؛ أبو عبيد : من أسماء قداح الميسر المصفح والمعلى . وصفح : اسم رجل من كلب بن وبرة وله حديث عند العرب معروف ؛ وأما قول بشر :


                                                          رضيعة صفح بالجباه ملمة     لها بلق فوق الرءوس مشهر



                                                          فهو اسم رجل من كلب جاور قوما من بني عامر فقتلوه غدرا يقول : غدرتكم بزيد بن ضباء الأسدي أخت غدرتكم بصفح الكلبي . وصفاح نعمان : جبال تتاخم هذا الجبل وتصادفه ؛ ونعمان : جبل بين مكة والطائف ؛ وفي الحديث ذكر الصفاح بكسر الصاد وتخفيف الفاء موضع بين حنين وأنصاب الحرم يسرة الداخل إلى مكة . وملائكة الصفيح الأعلى : هو من أسماء السماء ، وفي حديث علي وعمار : الصفيح الأعلى من ملكوته .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية