الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      شهادة الصبيان بعضهم على بعض قال وسئل مالك عن غلامين لم يبلغا الحلم اقتتلا ، فقتل أحدهما صاحبه ، فقال الميت : فلان قتلني وشهد على لسانه واعترف القاتل الحي أنه فعل ذلك به ، أترى أن يؤخذ بقول الميت ويقسم عليه ، أو باعتراف القاتل الحي لصاحبه ؟ فقال مالك : لا ينفعك هذا إلا بالشهود ولا ينفعك قول الميت ولا إقرار الحي . فقال له صاحبه ، لا يكون في هذا قسامة فقال : لا أرى ذلك . قلت : أرأيت قول مالك : تجوز شهادة الصبيان بعضهم على البعض ما لم يتفرقوا ، أو يدخل بينهم كبير أو يخببوا في أي شيء كان ذلك ؟ قال : في الجراحات والقتل إذا شهد فيه اثنان فصاعدا قبل أن يتفرقا ، وكان ذلك صبيان كلهم . ولا تجوز فيه شهادة واحد ولا تجوز شهادة الإناث أيضا من الصبيان في الجراحات فيما بينهم ، ولا تجوز شهادة الصبيان الكبيران ، كانوا شهدوا له على صبي أو على كبير ، وليس في الصبيان قسامة فيما بينهم بعضهم لبعض ، إلا أن يقتل رجل كبير صبيا فشهد رجل على قتله ، فتكون القسامة على ما يشهد به الشاهد من عمد أو خطأ .

                                                                                                                                                                                      سحنون وقد قال غير واحد من كبار أصحاب مالك ، منهم أشهب : أنه لا تجوز شهادتهم في القتل ولا تجوز شهادة الإناث . سحنون وقد قال كبير من أصحاب مالك وهو المخزومي : إن الإناث يجزن ، وإن شهادة الصبيان في القتل جائزة .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وقال ابن نافع وغيره ، في الصبي يشهد عليه صبيان أنه ضرب صبيا أو جرحه ، فيموت من ذلك الضرب ، أو يتراخى ذلك الجرح فيموت ، فإن أولياء الدم يقسمون لمن ضربه مات ويستحقون الدية .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وقال ابن نافع : وهذا الصواب والذي يعتمد عليه . وذكر ابن وهب أن علي بن أبي طالب وشريحا وعبد الله بن عمر وعروة بن الزبير وابن قسيط وأبا بكر بن حزم [ ص: 27 ] وربيعة ، أنهم كانوا يجيزون شهادة الصبيان فيما بينهم ما لم يتفرقوا أو ينقلبوا إلى أهلهم أو يختلفوا ، أو يؤخذ بأول قولهم . وقال بعضهم : ولا تجوز على غيرهم . ابن مهدي عن المغيرة عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يستجيزون شهادة الصبيان فيما بينهم ، وكان إبراهيم لا يجيزها على الرجال ، وقاله الحسن البصري من حديث ابن وهب عن ابن المبارك عن الحسن . وقال الشعبي من حديث ابن مهدي عن إسرائيل عن عيسى بن أبي عزة ، وقال أبو الزناد : إنها السنة . وقاله عمر بن عبد العزيز من حديث ابن وهب .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية