الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          صفف

                                                          صفف : الصف : السطر المستوي من كل شيء معروف ، وجمعه صفوف . وصففت القوم فاصطفوا إذا أقمتهم في الحرب صفا . وفي حديث صلاة الخوف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مصاف العدو بعسفان أي مقابلهم . يقال : صف الجيش يصفه صفا وصافه ، فهو مصاف إذا رتب صفوفه في مقابل صفوف العدو والمصاف بالفتح وتشديد الفاء : جمع مصف ، وهو موضع الحرب الذي يكون فيه الصفوف . وصف القوم يصفون صفا واصطفوا وتصافوا : صاروا صفا . وتصافوا عليه : اجتمعوا صفا . اللحياني : تصافوا على الماء وتضافوا عليه بمعنى واحد إذا اجتمعوا عليه ، ومثله تضوك في خرئه ، وتصوك إذا تلطخ به ، وصلاصل الماء وضلاضله . وقوله عز وجل : والصافات صفا ؛ قيل : الصافات الملائكة مصطفون في السماء يسبحون الله تعالى ، ومثله : وإنا لنحن الصافون ؛ قال : وذلك لأن لهم مراتب يقومون عليها صفوفا ، كما يصطف المصلون . وقول الأعرابية لبنيها : إذا لقيتم العدو فدغرى ولا صفا أي لا تصفوا صفا . والصف : موقف الصفوف . والمصف : الموقف في الحرب ، والجمع المصاف ، وصافوهم القتال . والصف في القرآن : المصلى وهو من ذلك لأن الناس يصطفون هناك . قال الله تعالى : ثم ائتوا صفا ؛ مصطفين ، فهو على هذا حال . قال الأزهري : معناه : ثم ائتوا الموضع الذي تجتمعون فيه لعيدكم وصلاتكم . يقال : ائت الصف أي ائت المصلى ، قال : ويجوز ثم ائتوا صفا أي مصطفين ؛ ليكون أنظم لكم وأشد لهيبتكم . الليث : الصف واحد الصفوف معروف . والطير الصواف : التي تصف أجنحتها فلا تحركها . وقوله تعالى : وعرضوا على ربك صفا ؛ قال ابن عرفة : يجوز أن يكونوا كلهم صفا واحدا ، ويجوز أن يقال في مثل هذا صفا يراد به الصفوف ، فيؤدي الواحد عن الجميع . وفي حديث البقرة وآل عمران : كأنهما حزقان من طير صواف باسطات أجنحتها في الطيران ، والصواف : جمع صافة . وناقة صفوف : تصف يديها عند الحلب . وصفت الناقة تصف ، وهي صفوف : جمعت بين محلبين أو ثلاثة في حلبة . والصف : أن تحلب الناقة في محلبين أو ثلاثة تصف بينها ؛ وأنشد أبو زيد :


                                                          ناقة شيخ للإله راهب تصف في ثلاثة المحالب     في اللهجمين والهن المقارب



                                                          اللهجم : العس الكبير ، وعنى بالهن المقارب العس بين العسين . الأصمعي : الصفوف الناقة التي تجمع بين محلبين في حلبة واحدة ، والشفوع والقرون مثلها . الجوهري : يقال ناقة صفوف للتي تصف أقداحا من لبنها إذا حلبت ، وذلك كثرة لبنها ، كما يقال قرون وشفوع ؛ قال الراجز :

                                                          [ ص: 253 ]

                                                          حلبانة ركبانة صفوف     تخلط بين وبر وصوف



                                                          وقول الراجز :


                                                          ترفد بعد الصف في فرقان



                                                          هو جمع فرق . والفرق : مكيال لأهل المدينة يسع ستة عشر رطلا . والصف : القدحان لإقرانهما . وصفها : حلبها . وصفت الطير في السماء تصف : صفت أجنحتها ولم تحركها . وقوله تعالى : والطير صافات ؛ باسطات أجنحتها . والبدن الصواف : المصفوفة للنحر التي تصفف ثم تنحر . وفي قوله عز وجل : فاذكروا اسم الله عليها صواف ؛ منصوبة على الحال أي قد صفت قوائمها فاذكروا الله عليها في حال نحرها صواف ، قال : ويحتمل أن يكون معناها أنها مصطفة في منحرها . وعن ابن عباس في قوله تعالى : ( صواف ) ؛ قال : قياما . وعن ابن عمر في قوله : ( صواف ) ؛ قال : تعقل وتقوم على ثلاث ، وقرأها ابن عباس : صوافن ، وقال : معقولة . يقول : بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك . الجوهري : صفت الإبل قوائمها ، فهي صافة وصواف . وصف اللحم يصفه صفا ، فهو صفيف : شرحه عراضا ، وقيل : الصفيف الذي يغلى إغلاءة ثم يرفع ، وقيل : الذي يصف على الحصى ثم يشوى ، وقيل : القديد إذا شرر في الشمس ، يقال صففته أصفه صفا ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          فظل طهاة اللحم من بين منضج     صفيف شواء أو قدير معجل



                                                          ابن شميل : التصفيف نحو التشريح ، وهو أن تعرض البضعة حتى ترق فتراها تشف شفيفا . وقال خالد بن جنبة : الصفيف أن يشرح اللحم غير تشريح القديد ولكن يوسع مثل الرغفان ، فإذا دق الصفيف ليؤكل فهو قدير ، فإذا ترك ولم يدق فهو صفيف . الجوهري : الصفيف ما صف من اللحم على الجمر لينشوي ، تقول منه : صففت اللحم صفا . وفي حديث الزبير : كان يتزود صفيف الوحش وهو محرم ؛ أي قديدها . يقال : صففت اللحم أصفه صفا إذا تركته في الشمس حتى يجف . وصفة الرحل والسرج : التي تضم العرقوتين والبدادين من أعلاهما وأسفلهما ، والجمع صفف على القياس . وحكى سيبويه : وصف الدابة وصف لها عمل لها صفة . وصففت لها صفة أي عملتها لها . وصففت السرج : جعلت له صفة . وفي الحديث : نهى عن صفف النمور هي جمع صفة ، وهي للسرج بمنزلة الميثرة من الرحل ، قال ابن الأثير : وهذا كحديثه الآخر : نهى عن ركوب جلود النمور . وصفة الدار : واحدة الصفف ؛ الليث : الصفة من البنيان شبه البهو الواسع الطويل السمك . وفي الحديث ذكر أهل الصفة ، قال : هم فقراء المهاجرين ، ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه . وفي الحديث : مات رجل من أهل الصفة ؛ هو موضع مظلل من المسجد كان يأوي إليه المساكين . وصفة البنيان : طرته . والصفة : الظلة . ابن سيده : وعذاب يوم الصفة كعذاب يوم الظلة . التهذيب : الليث وعذاب يوم الصفة كان قوم عصوا رسولهم فأرسل الله عليهم حرا وغما غشيهم من فوقهم حتى هلكوا . قال أبو منصور : الذي ذكره الله في كتابه عذاب يوم الظلة لا عذاب يوم الصفة ، وعذب قوم شعيب به ، قال : ولا أدري ما عذاب يوم الصفة . وأرض صفصف : ملساء مستوية . وفي التنزيل : فيذرها قاعا صفصفا ؛ الفراء : الصفصف الذي لا نبات فيه ؛ وقال ابن الأعرابي : الصفصف القرعاء ، وقال : مجاهد : قاعا صفصفا مستويا . أبو عمرو : الصفصف المستوي من الأرض ، وجمعه صفاصف ؛ قال الشاعر :


                                                          إذا ركبت داوية مدلهمة     وغرد حاديها لها بالصفاصف



                                                          والصفصفة كالصفصف عن ابن جني ، والصفصف : الفلاة . والصفصف : العصفور في بعض اللغات . والصفصاف : الخلاف ، واحدته صفصافة ، وقيل : شجر الخلاف شامية . والصفصفة دويبة ، وهي دخيل في العربية ، قال الليث : هي الدويبة التي تسميها العجم السيسك ، وروي أن الحجاج قال لطباخه : اعمل لنا صفصافة وأكثر فيجنها ، قال : الصفصافة لغة ثقيفية ، وهي السكباجة . أبو عمرو : الصفصفة السكباجة والفيجن السداب . وفي حديث أبي الدرداء رضي الله عنه : أصبحت لا أملك صفة ، ولا لفة ؛ الصفة : ما يجعل على الراحة من الحبوب ، واللفة اللقمة . وصفصفة الغضا : موضع ، وذكر ابن بري في هذه الترجمة صفون ، قال : وهو موضع كانت فيه حرب بين علي عليه السلام وبين معاوية ؛ وأنشد لمدرك بن حصين الأسدي :


                                                          وصفون والنهر الهني ولجة     من البحر موقوف عليها سفينها



                                                          قال : وتقول في النصب والجر : رأيت صفين ومررت بصفين ، ومن أعرب النون قال : هذه صفين ورأيت صفين ، وقال في ترجمة صفن عند كلام الجوهري على صفين ، قال : حقه أن يذكر في فصل صفف ؛ لأن نونه زائدة بدليل قولهم صفون فيمن أعربه بالحروف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية