الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سهمان الخيل قال أبو حنيفة رضي الله عنه في الرجل يكون معه فرسان لا يسهم له إلا لواحد وقال الأوزاعي يسهم لفرسين ولا يسهم لأكثر من ذلك وعلى ذلك أهل العلم وبه عملت الأئمة ، قال أبو يوسف لم يبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه أسهم للفرسين إلا حديث واحد وكان الواحد عندنا شاذا لا نأخذ به ، وأما قوله بذلك عملت الأئمة وعليه أهل العلم فهذا قول أهل الحجاز وبذلك مضت السنة وليس يقبل هذا ولا يحمل هذا الجهال فمن الإمام الذي عمل بهذا والعالم الذي أخذ به حتى ننظر أهو أهل لأن يحمل عنه مأمون هو على العلم أو لا ؟ وكيف يقسم للفرسين ولا يقسم لثلاثة من قبل ماذا ؟ وكيف يقسم للفرس المربوط في منزله لم يقاتل عليه وإنما قاتل على غيره ؟ فتفهم في الذي ذكرنا وفيما قال الأوزاعي وتدبره .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى أحفظ عمن لقيت ممن سمعت منه من أصحابنا أنهم لا يسهمون إلا لفرس واحد وبهذا آخذ ، أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن يحيى بن عباد أن عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنهم كان يضرب في المغنم بأربعة أسهم سهم له وسهمين لفرسه وسهم في ذوي القربى سهم أمه صفية يعني يوم خيبر وكان سفيان بن عيينة يهاب أن يذكر يحيى بن عباد والحفاظ يروونه عن يحيى بن عباد وروى مكحول { أن الزبير حضر خيبر فأسهم له رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة أسهم سهم له وأربعة أسهم لفرسيه } فذهب الأوزاعي إلى قبول هذا عن مكحول منقطعا وهشام بن عروة أحرص لو أسهم لابن الزبير لفرسين أن يقول به فأشبه إذا خالفه مكحول أن يكون أثبت في حديث أبيه منه بحرصه على زيادته ، وإن كان حديثه مقطوعا لا تقوم به حجة فهو كحديث مكحول ولكنا ذهبنا إلى أهل المغازي فقلنا إنهم لم يرووا أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم لفرسين ولم يختلفوا أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر خيبر بثلاثة أفراس لنفسه السكب والظرب والمرتجز ولم يأخذ منها إلا لفرس واحد ، قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يسهم لصبي في الغنيمة ، وقال الأوزاعي يسهم لهم وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم بخيبر لصبي في الغنيمة وأسهم أئمة المسلمين لكل مولود ولد في أرض الحرب وقال أبو يوسف ما سمعنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم لصبي وإن هذا لغير معروف عن أهل العلم ولو كان هذا في شيء من المغازي ما خفي علينا . محمد بن إسحاق وإسماعيل بن أمية عن رجل أن ابن عباس كتب إلى نجدة في جواب كتابه : كتبت تسألني عن الصبي متى يخرج من اليتم ومتى يضرب له بسهم فإنه يخرج من اليتم إذا احتلم ويضرب له بسهم .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى حدثنا عن عبد الله بن عمر أو عبيد الله شك أبو محمد الربيع عن نافع عن { ابن عمر قال عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني } قال نافع فحدثت بذلك عمر بن عبد العزيز [ ص: 363 ] فكتب إلى عماله في المقاتلة فلو كان هذا كما قال الأوزاعي لإجازة النبي صلى الله عليه وسلم عام أحد وما أحد من المهاجرين والأنصار ولد له ولد في سفر من أسفار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا محمد بن أبي بكر فإن أسماء ولدته بذي الحليفة في حجة الإسلام فثبت من هذه الأحاديث والفتيا والله أعلم أن غزوهم ومقامهم فيه كان أقل مدة من أن يتفرغوا للنساء والأولاد .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : الحجة في هذا مثل الحجة في المسألة قبل في النساء وأهل الذمة يرضخ للغلمان ولا يسهم لهم ولا يسهم للنساء ويرضخ .

التالي السابق


الخدمات العلمية