الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      شهادة السماع في الدور المتقادم حيازتها قلت : أرأيت إن كانت الدار في يدي رجل قد أنسئ له في العمر ، أقام فيها خمسين سنة أو ستين سنة ، ثم قدم رجل فادعاها وأثبت الأصل ، فقال الذي الدار في يديه اشتريتها من قوم قد انقرضوا وانقرضت البينة ، وجاء بقوم يشهدون على السماع أنه اشتراها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : سمعت مالكا يقول : إذا جاء بقوم يشهدون على السماع أنه اشترى ، ولم يقل لي مالك من صاحبها الذي ادعاها كان أو من غيره ، وقد أخبرتك بالذي سمعت منه وليس وجه السماع الذي يجوز على المدعي . والذي حملنا عن مالك إلا أن يشهدوا على سماع شراء من أهل هذا المدعي الذي يدعي الدار بسببهم ، أو يكون في ذلك قطع لدعوى هذا المدعي ، بمنزلة السماع في الأحباس فيما فسر لنا مالك .

                                                                                                                                                                                      قال : ومعنى [ ص: 34 ] قول مالك حتى يشهدوا على سماع يكون فيه قطعا لدعوى هذا المدعي ، إنما هو أن يشهدوا أنا سمعنا أن هذا الذي الدار في يديه أو أباه أو جده ، اشترى هذه الدار من هذا المدعي أو من أبيه أو من جده أو من رجل يدعي هذا المدعي أنه ورث هذه الدار من قبله .

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، أو اشترى ممن اشترى من جد هذا المدعي ، وقد بينت لك ذلك من قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : ههنا دور تعرف لمن أولها بالمدينة ، قد تداولها قوم بعد قوم في الاشتراء وهي اليوم لغير أهلها . فإذا كان على مثل هذا فالسماع جائز على ما وصفت لك ، وإن لم تكن شهادة قاطعة .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وكان مالك يرى الشهادة على السماع أمرا قويا .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أتى الذي الدار في يديه ببينة يشهدون أنهم سمعوا أن هذا الرجل الذي في يديه الدار اشترى هذه الدار ، أو اشتراها جده ، أو اشتراها والده ، إلا أنهم قالوا سمعنا أنه اشتراها ، ولكنا لم نسمع بالذي اشتراها منه من هو ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ، ولا أرى ذلك يجوز حتى يشهدوا على سماع صحة أنه اشتراها من فلان أبي هذا المدعي أو جده .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية