الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - جل ثناؤه - : إن الله لا يظلم مثقال ذرة ؛ " مثقال " : " مفعال " ؛ من " الثقل " ؛ أي : ما كان وزنه الذرة؛ وقيل : لكل ما يعمل " وزن مثقال " ؛ تمثيلا؛ لأن الصلاة والصيام والأعمال لا وزن لها؛ لكن الناس خوطبوا فيما في قلوبهم بتمثيل ما يدرك بأبصارهم؛ لأن ذلك - أعني ما يبصر - أبين لهم؛ وقوله - عز وجل - : وإن تك حسنة يضاعفها ؛ الأصل في " تكن " : " تكون " ؛ فسقطت الضمة للجزم؛ وسقطت الواو لسكونها؛ وسكون النون؛ فأما سقوط النون من " تكن " ؛ فأكثر الاستعمال جاء في القرآن بإثباتها؛ وإسقاطها قليل؛ قال الله - عز وجل - : إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما ؛ [ ص: 53 ] فاجتمع في النون أنها تشبه حروف اللين؛ وأنها ساكنة؛ فحذفت استخفافا لكثرة الاستعمال؛ كما قالوا : " لا أدر " ؛ و " لم أبل " ؛ والأجود " لم أبال " ؛ و " لا أدري " ؛ و " حسنة " ؛ يكون فيها الرفع؛ والنصب؛ المعنى : وإن تكن فعلته حسنة يضاعفها؛ ومن قرأ : " وإن تكن حسنة " ؛ بالرفع؛ رفع على اسم " كان " ؛ ولا خبر لها؛ وهي ههنا في مذهب التمام؛ والمعنى : وإن تحدث حسنة يضاعفها.

                                                                                                                                                                                                                                        ويؤت من لدنه أجرا عظيما ؛ " ويؤت " ؛ بغير ياء؛ سقطت الياء للجزم؛ معطوف على " يضاعفها " ؛ ووقعت " لدن " ؛ وهي في موضع جر؛ وفيها لغات؛ يقال : " لد " ؛ و " لدن " ؛ و " لدن " ؛ و " لدى " ؛ والمعنى واحد؛ ومعناه : من قبله؛ إلا أنها لا تتمكن تمكن " عند " ؛ لأنك تقول : " هذا القول عندي صواب " ؛ ولا يقال : " الوقت لدني صواب " ؛ وتقول : " عندي مال عظيم " ؛ والمال غائب عنك؛ و " لدن " ؛ لما يليك.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية