الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ صمت ]

                                                          صمت : صمت يصمت صمتا وصمتا وصموتا وصماتا وأصمت : أطال السكوت . والتصميت : التسكيت . والتصميت أيضا : السكوت . ورجل صميت أي سكيت . والاسم من صمت : الصمتة وأصمته هو وصمته . وقيل : الصمت المصدر ، وما سوى ذلك ، فهو اسم . والصمتة بالضم : مثل السكتة . ابن سيده : والصمتة والصمتة : ما أصمت به . وصمتة الصبي : ما أسكت به منه قول بعض مفضلي التمر على الزبيب : وما له صمتة لعياله وصمتة جميعا ؛ عن اللحياني أي ما يطعمهم فيصمتهم به . والصمتة : ما يصمت به الصبي من تمر أو شيء طريف . وفي الحديث في صفة التمرة : صمتة الصغير ، يريد أنه إذا بكى أصمت وأسكت بها ، وهي السكتة لما يسكت به الصبي . ويقال : ما ذقت صماتا أي ما ذقت شيئا . ويقال : لم يصمته ذاك أي لم يكفه ، وأصله في النفي ، وإنما يقال ذلك فيما يؤكل أو يشرب . ورماه بصماته أي بما صمت منه . الجوهري عن أبي زيد : رميته بصماته وسكاته أي بما صمت به وسكت . الكسائي : والعرب تقول : لا صمت يوما إلى الليل ، ولا صمت يوم إلى الليل ، ولا صمت يوم إلى الليل فمن نصب أراد : لا تصمت يوما إلى الليل ، ومن رفع أراد : لا يصمت يوم إلى الليل ، ومن خفض فلا سؤال فيه . وفي حديث علي عليه السلام : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لا رضاع بعد فصال ، ولا يتم بعد الحلم ، ولا صمت يوما إلى الليل ؛ الليث : الصمت السكوت ، وقد أخذه الصمات . ويقال للرجل إذا اعتقل لسانه فلم يتكلم : أصمت ، فهو مصمت ؛ وأنشد أبو عمرو :


                                                          ما إن رأيت من معنيات


                                                          ذوات آذان وجمجمات


                                                          أصبر منهن على الصمات

                                                          .

                                                          قال : الصمات السكوت . ورواه الأصمعي : من مغنيات ، أراد : من صريفهن . قال : والصمات العطش ههنا . وفي حديث أسامة بن زيد ، قال : لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم هبطنا وهبط الناس ، يعني إلى المدينة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أصمت فلا يتكلم ، فجعل يرفع يده إلى السماء . ثم يصبها علي أعرف أنه يدعو لي ؛ قال الأزهري : قوله يوم أصمت ؛ معناه : ليس بيني وبينه أحد ؛ قال أبو منصور : يحتمل أن تكون الرواية يوم أصمت العليل ، فهو مصمت إذا اعتقل لسانه . وفي الحديث : أصمتت أمامة بنت العاص أي اعتقل لسانها ، قال : وهذا هو الصحيح عندي ؛ لأن في الحديث : يوم أصمت فلا يتكلم . قال محمد بن المكرم ، عفا الله عنه : وفي الحديث أيضا دليل أظهر من هذا ، وهو قوله : يرفع يده إلى السماء ثم يصبها علي أعرف أنه يدعو لي ، وإنما عرف أنه يدعو له بالإشارة لا بالكلام والعبارة ، لكنه لم يصح عنه أنه صلى الله عليه وسلم في مرضه اعتقل يوما فلم يتكلم ، والله أعلم . وفي الحديث : أن امرأة من أحمس حجت مصمتة أي ساكتة لا تتكلم . ولقيته ببلدة إصمت : وهي القفر التي لا أحد بها ؛ قال أبو زيد : وقطع بعضهم الألف من إصمت ونصب التاء ، فقال :


                                                          بوحش الإصمتين له ذباب

                                                          وقال كراع : إنما هو ببلدة إصمت . قال ابن سيده : والأول هو المعروف . وتركته بصحراء إصمت أي حيث لا يدرى أين هو . وتركته بوحش إصمت ، الألف مقطوعة مكسورة ؛ ابن سيده : تركته بوحش إصمت وإصمتة ؛ عن اللحياني ولم يفسره . قال ابن سيده : وعندي أنه الفلاة ؛ قال الراعي :


                                                          أشلى سلوقية باتت وبات لها     بوحش إصمت في أصلابها أود

                                                          ولقيته ببلدة إصمت إذا لقيته بمكان قفر لا أنيس به ، وهو غير مجرى . وما له صامت ولا ناطق ؛ الصامت : الذهب والفضة والناطق : الحيوان الإبل والغنم أي ليس له شيء . وفي الحديث : على رقبته صامت ، يعني الذهب والفضة خلاف الناطق ، وهو الحيوان . ابن الأعرابي : جاء بما صاء وصمت ؛ قال : ما صاء يعني [ ص: 279 ] الشاء والإبل ، وما صمت ، يعني الذهب والفضة . والصموت من الدروع : اللينة المس ليست بخشنة ، ولا صدئة ، ولا يكون لها إذا صبت صوت ؛ وقال النابغة :


                                                          وكل صموت نثلة تبعية     ونسج سليم كل قضاء ذائل

                                                          قال : والسيف أيضا يقال له : صموت لرسوبه في الضريبة ، وإذا كان كذلك قل صوت خروج الدم ؛ وقال الزبير بن عبد المطلب :


                                                          وينفي الجاهل المختال عني     رقاق الحد وقعته صموت

                                                          وضربة صموت : تمر في العظام لا تنبو عن عظم فتصوت ؛ وأنشد ثعلب بيت الزبير أيضا على هذه الصورة :


                                                          ويذهب نخوة المختال عني     رقيق الحد ضربته صموت

                                                          وصمت الرجل : شكا إليه ، فنزع إليه من شكايته : قال :


                                                          إنك لا تشكو إلى مصمت     فاصبر على الحمل الثقيل أو مت

                                                          التهذيب : ومن أمثالهم : إنك لا تشكو إلى مصمت أي لا تشكو إلى من يعبأ بشكواك . وجارية صموت الخلخالين إذا كانت غليظة الساقين لا يسمع لخلخالها صوت لغموضه في رجليها . والحروف المصمتة : غير حروف الذلاقة ؛ سميت بذلك لأنه صمت عنها أن يبنى منها كلمة رباعية أو خماسية معراة من حروف الذلاقة ، وهو بصماته إذا أشرف على قصده . ويقال : بات فلان على صمات أمره إذا كان معتزما عليه . قال أبو مالك : الصمات القصد ، وأنا على صمات حاجتي أي على شرف من قضائها ، يقال : فلان على صمات الأمر إذا أشرف على قضائه ؛ قال :


                                                          وحاجة بت على صماتها

                                                          أي على شرف قضائها . ويروى : بتاتها . وبات من القوم على صمات أي بمرأى ومسمع في القرب . والمصمت : الذي لا جوف له وأصمته أنا . وباب مصمت وقفل مصمت : مبهم ، وقد أبهم إغلاقه ؛ وأنشد :


                                                          ومن دون ليلى مصمتات المقاصر

                                                          وثوب مصمت : لونه لون واحد لا يخالطه لون آخر . وفي حديث العباس : إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من خز هو الذي جميعه إبريسم لا يخالطه قطن ، ولا غيره . ويقال للون البهيم : مصمت . وفرس مصمت وخيل مصمتات إذا لم يكن فيها شية ، وكانت بهما . وأدهم مصمت : لا يخالطه لون غير الدهمة . الجوهري : المصمت من الخيل البهيم أي لون كان لا يخالط لونه لون آخر . وحلي مصمت إذا كان لا يخالطه غيره ؛ قال أحمد بن عبيد : حلي مصمت ؛ معناه قد نشب على لابسه ، فما يتحرك ، ولا يتزعزع مثل الدملج والحجل ، وما أشبههما . ابن السكيت : أعطيت فلانا ألفا كاملا ، وألفا مصمتا ، وألفا أقرع بمعنى واحد . وألف مصمت متمم كمصتم . والصمات : سرعة العطش في الناس والدواب . والصامت من اللبن : الخاثر . والصموت : اسم فرس المثلم بن عمرو التنوخي ؛ وفيه يقول :


                                                          حتى أرى فارس الصموت على     أكساء خيل كأنها الإبل

                                                          .

                                                          معناه : حتى يهزم أعداءه فيسوقهم من ورائهم ويطردهم ، كما تساق الإبل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية