الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
مطلب : في nindex.php?page=treesubj&link=17737حكم لبس القباء .
( ولا ) بلبس ( القباء ) ، وهو بالمد وقصره الناظم ضرورة . قال في [ ص: 183 ] المطلع : القباء ممدود . قال بعضهم هو فارسي معرب ، وقال صاحب المطالع : هو من قبوت إذا صممت ، وهو ثوب ضيق من ثياب العجم . وفي القاموس : القبوة انضمام ما بين الشفتين ، ومنه القباء من الثياب جمعه أقبية ، أي ليس بلبسه بأس ولا حرج ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لبسه .
ففي الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر رضي الله عنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=8642أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير فلبسه ، ثم صلى فيه ، ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له ، ثم قال : لا ينبغي هذا للمتقين } قال الحافظ nindex.php?page=showalam&ids=16383المنذري : الفروج بفتح الفاء وتشديد الراء وضمها وبالجيم هو القباء الذي شق من خلفه .
وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=32130 : لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قباء ديباج أهدي له ، ثم أوشك أن نزعه ، فأرسل به إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فقيل : قد أوشك ما نزعته يا رسول الله ، فقال : نهاني عنه جبريل ، فجاءه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يبكي فقال : يا رسول الله أكرهت أمرا وأعطيتنيه فما لي ؟ فقال : إني لم أعطكه لتلبسه إنما أعطيتكه لتبيعه ، فباعه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بألفي درهم }
وفي سنن nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=26608قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية ولم يعط مخرمة شيئا ، فقال مخرمة : يا بني انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت معه فقال : ادخل فادعه لي ، فدعوته فخرج إليه . وعليه قباء فقال : خبأت هذا لك . قال : فنظر إليه ، فقال : رضي مخرمة } ، وإنما نزع القباء في الحديثين الماضيين لكونه حريرا ، وكان لبسه صلى الله عليه وسلم له قبل تحريم الحرير ، فلما حرم نزعه ; ولذا قال في حديث nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=38006نهاني عنه جبريل } .
( فائدة ) : سئل شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه عن nindex.php?page=treesubj&link=17737طرح القباء على الكتفين من غير أن يدخل يديه في كميه ، هل هو مكروه أم لا ؟ فأجاب رضي الله عنه بأنه لا بأس بذلك باتفاق الفقهاء ، وقد ذكروا جواز ذلك ، قال : وليس هذا من السدل المكروه ، لأن هذه اللبسة ليست لبسة اليهود . انتهى . [ ص: 184 ] nindex.php?page=treesubj&link=17640 ( ولا ) بأس بلبس الصوف ، والقباء ( للنساء ) حيث لا تشبيه . وتقدم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وأبي داود وغيرهما { nindex.php?page=hadith&LINKID=8144أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مروط نسائه وكانت أكسية من صوف } .
وفي الآداب الكبرى قال nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم nindex.php?page=showalam&ids=12251لأبي عبد الله رضي الله عنه : الدراعة يكون لها فرج ؟ فقال كان لخالد بن معدان : دراعة لها فرج من بين يديها قدر ذراع . قيل nindex.php?page=showalam&ids=12251لأبي عبد الله : فيكون لها فرج من خلفها ؟ فقال : ما أدري أما من بين يديها فقد سمعت ، وأما من خلفها فلم أسمع قال : ألا إن في ذلك سعة له عند الركوب ، ومنفعة انتهى .
قلت : وتقدم حديث الفروج ، وأنه القباء الذي شق من خلفه . قال في السيرة الشامية : هو أصل في لبس الخلفاء له والله أعلم .