الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : فلله الآخرة والأولى تعليل لانتفاء ذلك فإن اختصاص ملك أمور الآخرة والأولى جميعا به تعالى مقتض لانتفاء أن يكون للإنسان أمر من الأمور بل ما شاء الله تعالى له كان وما لم يشأ لم يكن ، وقدمت الآخرة اهتماما برد ما هو أهم أطماعهم عندهم من الفوز فيها ، ولذا أردف ذلك بقوله تعالى : [ ص: 59 ] وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا وإقناطهم عما طمعوا به من شفاعة الملائكة عليهم السلام موجب لإقناطهم عن شفاعة الأصنام بطريق الأولوية ( وكم ) خبرية مفيدة للتكثير محلها الرفع على الابتداء ، والخبر الجملة المنفية ، وجمع الضمير في شفاعتهم مع إفراد الملك باعتبار المعنى أي وكثير من الملائكة لا تغني شفاعتهم عند الله تعالى شيئا من الإغناء في وقت من الأوقات إلا من بعد أن يأذن الله لهم في الشفاعة . لمن يشاء أن يشفعوا له ويرضى ويراه سبحانه أهلا للشفاعة من أهل التوحيد والإيمان ، وأما من عداهم من أهل الكفر والطغيان فهم من إذن الله تعالى بمعزل . وعنه بألف ألف منزل ، وجوزأن يكون المراد إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء من الملائكة بالشفاعة ويراه عز وجل أهلا لها ، وأيا ما كان فالمعنى على أنه إذا كان حال الملائكة في باب الشفاعة كما ذكر فما ظنهم بحال الأصنام ، والكلام قيل من باب :

                                                                                                                                                                                                                                      على لاحب لا يهتدى بمناره فحاصله لا شفاعة لهم ولا غناء بدون أن يأذن الله سبحانه إلخ ، وقيل : هو وارد على سبيل الفرض فلا يخالف قوله تعالى : من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه [البقرة : 255]، وقرأ زيد بن علي شفاعته بإفراد الشفاعة والضمير ، وابن مقسم شفاعاتهم بجمعهما وهو اختيار صاحب الكامل أبي القاسم الهذلي ، وأفردت الشفاعة في قراءة الجمهور قال أبو حيان : لأنها مصدر ولأنهم لو شفع جميعهم لواحد لم تغن شفاعتهم عنه شيئا

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية