الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 2 ] باب البيوع الفاسدة قال وإذا اشترى الرجل عدل زطي أو جراب هروي على أن فيه خمسين ثوبا بألف درهم فوجد فيه تسعة وأربعين ثوبا أو أحدا وخمسين ثوبا فالبيع فاسد ; لأنه إن وجده أكثر فإنما يدخل في البيع العددي المسمى من الثياب وذلك خمسون وهو مجهول ; لأنه وجب على المشتري رد هذه الزيادة وهذه الزيادة مجهولة فيصير الباقي مجهولا وفي مثله لا يجوز البيع مع الجهالة ألا ترى أنه لو اشترى مما في العدل خمسين ثوبا لا يجوز ; لأنها تتفاوت في المالية فالمشتري يطالب بخيار العدل والبائع يعطيه شرار العدل وكل جهالة تفضي إلى المنازعة فهي مفسدة للعقد فإن وجده أقل يفسد العقد لجهالة الثمن ; لأن المسمى من الثمن بمقابلة خمسين ثوبا فيقسم ذلك على قيمة الموجود والمعدوم ولا يدري صفة المعدوم أنه كيف كان جيدا أو وسطا أو رديئا ، وباختلافه تختلف حصة الموجود فيفسد العقد في الموجود لجهالة الثمن فالبيع بالحصة لا ينعقد صحيحا ابتداء فإن كان سمى لكل ثوب عشرة دراهم فوجده أحدا وخمسين ثوبا كان فاسدا أيضا ; لأن العاقد يتناول خمسين ثوبا فعليه رد الثوب الزائد وهو مجهول وبجهالته يصير المبيع مجهولا أيضا ، وإن وجده تسعة وأربعين ثوبا وقد قبض أو لم يقبض كان البيع جائزا ; لأن الموجود معلوم والمسمى بمقابلة الموجود من الثمن معلوم فيجوز البيع .

ويتخير المشتري لتفرق الصفقة عليه بنقصان ثوب مما سمى ، وله في عدد الخمسين مقصود لا يحصل ذلك بما دونه فيتخير إن شاء أخذ كل ثوب بما سمى وإن شاء ترك وأكثر مشايخنا - رحمهم الله - يقولون بأن هذا الجواب قولهما ، أما عند أبي حنيفة العقد فاسد كله ; لأنه فسد بعضه بفساد قوي إذ لا سبب لبطلان البيع أقوى من عدم المعقود عليه واستدلوا عليه بما ذكر في الزيادات

التالي السابق


الخدمات العلمية