الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ صهر ]

                                                          صهر : الصهر : القرابة . والصهر : حرمة الختونة ، وختن الرجل صهره ، والمتزوج فيهم أصهار الختن ، والأصهار أهل بيت المرأة ، ولا يقال لأهل بيت الرجل إلا أختان ، وأهل بيت المرأة أصهار ، ومن العرب من يجعل الصهر من الأحماء والأختان جميعا . يقال : صاهرت القوم إذا تزوجت فيهم ، وأصهرت بهم إذا اتصلت بهم ، وتحرمت بجوار أو نسب أو تزوج . وصهر القوم : ختنهم ، والجمع أصهار وصهراء ؛ الأخيرة نادرة ، وقيل : أهل بيت المرأة أصهار وأهل بيت الرجل أختان . وقال ابن الأعرابي : الصهر زوج بنت الرجل وزوج أخته . والختن أبو امرأة الرجل وأخو امرأته ، ومن العرب من يجعلهم أصهارا كلهم وصهرا والفعل المصاهرة ، وقد صاهرهم وصاهر فيهم ؛ وأنشد ثعلب :


                                                          حرائر صاهرن الملوك ولم يزل على الناس من أبنائهن أمير

                                                          وأصهر بهم وإليهم : صار فيهم صهرا ؛ وفي التهذيب : أصهر بهم الختن . وأصهر : مت بالصهر . الأصمعي : الأحماء من قبل الزوج ، والأختان من قبل المرأة ، والصهر يجمعهما ، قال : لا يقال غيره . قال ابن سيده : وربما كنوا بالصهر عن القبر ؛ لأنهم كانوا يئدون البنات فيدفنونهن ، فيقولون : زوجناهن من القبر ثم استعمل هذا اللفظ في الإسلام ، فقيل : نعم الصهر القبر ، قال : وهو الصحيح . أبو عبيد : يقال فلان مصهر بنا ، وهو من القرابة ؛ قال زهير :


                                                          قود الجياد وإصهار الملوك وصب     ر في مواطن لو كانوا بها سئموا

                                                          .

                                                          وقال الفراء في قوله تعالى : وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا فأما النسب فهو النسب الذي يحل نكاحه كبنات العم والخال وأشباههن من القرابة التي يحل تزويجها ، وقال الزجاج : الأصهار من النسب لا يجوز لهم التزويج ، والنسب الذي ليس بصهر من قوله تعالى : حرمت عليكم أمهاتكم . . . إلى قوله : وأن تجمعوا بين الأختين قال أبو منصور : وقد روينا عن ابن عباس في تفسير النسب والصهر خلاف ما قال الفراء جملة وخلاف بعض ما قال الزجاج . قال ابن عباس : حرم الله من النسب سبعا ، ومن الصهر سبعا : حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت من النسب ، ومن الصهر : وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء وأن تجمعوا بين الأختين ، قال أبو منصور : ونحو ما روينا عن ابن عباس قال الشافعي : حرم الله تعالى سبعا نسبا وسبعا سببا فجعل السبب القرابة الحادثة بسبب المصاهرة والرضاع ، وهذا هو الصحيح لا ارتياب فيه . وصهرته الشمس تصهره صهرا وصهدته : اشتد وقعها عليه وحرها حتى ألم دماغه وانصهر هو ؛ قال ابن أحمر يصف فرخ قطاة :


                                                          تروي لقى ألقي في صفصف     تصهره الشمس فما ينصهر

                                                          أي تذيبه الشمس فيصبر على ذلك . تروي : تسوق إليه الماء أي تصير له كالراوية . يقال : رويت أهلي وعليهم ريا أتيتهم بالماء . والصهر : الحار حكاه كراع ؛ وأنشد :


                                                          إذ لا تزال لكم مغرغرة     تغلي وأعلى لونها صهر

                                                          فعلى هذا يقال : صهر حار . والصهر : إذابة الشحم . وصهر الشحم ونحو يصهره صهرا : أذابه فانصهر . وفي التنزيل : يصهر به ما في بطونهم والجلود أي يذاب . واصطهره : أذابه وأكله ، والصهارة : ما أذبت منه ، وقيل : كل قطعة من اللحم صغرت أو كبرت صهارة . وما بالبعير صهارة بالضم أي نقي وهو المخ . الأزهري : الصهر إذابة الشحم والصهارة ما ذاب منه ، وكذلك الاصطهار في إذابته أو أكل صهارته ؛ وقال العجاج :


                                                          شك السفافيد الشواء المصطهر

                                                          والصهر : المشوي . الأصمعي : يقال لما أذيب من الشحم الصهارة والجميل . وما أذيب من الألية ، فهو حم ، إذا لم يبق فيه الودك . أبو زيد : صهر خبزه إذا أدمه بالصهارة فهو خبز مصهور وصهير . وفي الحديث : أن الأسود كان يصهر رجليه بالشحم وهو محرم ؛ أي كان يذيبه ويدهنهما به . ويقال : صهر بدنه إذا دهنه بالصهير . وصهر فلان رأسه صهرا إذا دهنه بالصهارة ، وهو ما أذيب من الشحم . واصطهر الحرباء واصهار : تلألأ ظهره من شدة حر الشمس ، وقد [ ص: 298 ] صهره الحر . وقال الله تعالى : يصهر به ما في بطونهم حتى يخرج من أدبارهم ؛ أبو زيد في قوله تعالى : يصهر به ، قال : هو الإحراق ، صهرته بالنار أنضجته ، أصهره . وقولهم : لأصهرنك بيمين مرة كأنه يريد الإذابة . أبو عبيدة : صهرت فلانا بيمين كاذبة توجب له النار . وفي حديث أهل النار : فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه ، وهو الصهر . يقال : صهرت الشحم إذا أذبته . وفي الحديث : أنه كان يؤسس مسجد قباء فيصهر الحجر العظيم إلى بطنه أي يدنيه إليه . يقال : صهره وأصهره إذا قربه وأدناه . وفي حديث علي رضي الله عنه : قال له ربيعة بن الحارث : نلت صهر محمد فلم نحسدك عليه ؛ الصهر : حرمة التزويج ، والفرق بينه وبين النسب : أن النسب ما يرجع إلى ولادة قريبة من جهة الآباء ، والصهر ما كان من خلطة تشبه القرابة يحدثها التزويج . والصيهور : شبه منبر يعمل من طين أو خشب يوضع عليه متاع البيت من صفر أو نحوه ؛ قال ابن سيده : وليس بثبت . والصاهور : غلاف القمر أعجمي معرب . والصهري : لغة في الصهريج ، وهو كالحوض ؛ قال الأزهري : وذلك أنهم يأتون أسفل الشعبة من الوادي الذي له مأزمان فيبنون بينهما بالطين والحجارة فيتراد الماء فيشربون به زمانا ، قال : ويقال تصهرجوا صهريا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية