الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ صوع ]

                                                          صوع : صاع الشجاع أقرانه والراعي ماشيته يصوع : جاءهم من نواحيهم ، وفي بعض العبارة : حازهم من نواحيهم ؛ حكى ذلك الأزهري عن الليث وقال : غلط الليث فيما فسر ، ومعنى الكمي يصوع أقرانه أي يحمل عليهم فيفرق جمعهم ، قال : وكذلك الراعي يصوع إبله إذا فرقها في المرعى ، قال : والتيس إذا أرسل في الشاء صاعها إذا أراد سفادها أي فرقها . والرجل يصوع الإبل والتيس يصوع المعز ، وصاع الغنم يصوعها صوعا : فرقها ، قال أوس بن حجر :


                                                          يصوع عنوقها أحوى زنيم له ظأب كما صخب الغريم

                                                          قال ابن بري : البيت للمعلى بن جمال العبدي ، وصوعها فتصوعت كذلك ، وعم به بعضهم فقال : صاع الشيء يصوعه صوعا فانصاع ، وصوعه : فرقه . والتصوع : التفرق ؛ قال ذو الرمة :


                                                          عسفت اعتسافا دونها كل مجهل     تظل بها الآجال عني تصوع

                                                          وتصوع القوم تصوعا : تفرقوا . وتصوع الشعر : تفرق . وصاع القوم : حمل بعضهم على بعض ، كلاهما عن اللحياني . وصاع الشيء صوعا : ثناه ولواه . وانصاع القوم : ذهبوا سراعا . وانصاع أي انفتل راجعا ومر مسرعا . والمنصاع : المعرد والناكص ؛ قال ذو الرمة :


                                                          فانصاع جانبه الوحشي وانكدرت     يلحبن لا يأتلي المطلوب والطلب

                                                          وفي حديث الأعرابي : فانصاع مدبرا أي ذهب سريعا ؛ وقول رؤبة :


                                                          فظل يكسوها النجاء الأصيعا

                                                          عاقب بالياء والأصل الواو ، ويروى : الأصوعا ؛ قال الأزهري : لو رد إلى الواو لقال الأصوعا . وصوع موضعا للقطن : هيأه لندفه . والصاعة : اسم موضع ذلك ؛ قال ابن شميل : ربما اتخذت صاعة من أديم كالنطع لندف القطن أو الصوف عليه ، وقال الليث : إذا هيأت المرأة لندف القطن موضعا ، يقال : صوعت موضعا ، والصاعة : البقعة الجرداء ليس فيها شيء ، قال : والصاحة يكسحها الغلام وينحي حجارتها ويكرو فيها بكرته فتلك البقعة هي الصاعة ، وبعضهم يقول الصاع ، والصاع المطمئن من الأرض كالحفرة ، وقيل : مطمئن منهبط من حروفه المطيفة به ؛ قال المسيب بن علس :


                                                          مرحت يداها للنجاء كأنما     تكرو بكفي لاعب في صاع

                                                          والصاع : مكيال لأهل المدينة يأخذ أربعة أمداد يذكر ويؤنث ، فمن أنث قال : ثلاث أصوع مثل ثلاث أدور ، ومن ذكره ، قال : أصواع مثل أثواب ، وقيل : جمعه أصوع ، وإن شئت أبدلت من الواو المضمومة همزة . وأصواع وصيعان والصواع كالصاع . وفي الحديث : أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد . وصاع النبي صلى الله عليه وسلم الذي بالمدينة أربعة أمداد بمدهم المعروف عندهم ، قال : وهو يأخذ من الحب قدر ثلثي من بلدنا ، وأهل الكوفة يقولون عيار الصاع عندهم أربعة أمناء ، والمد ربعه ، وصاعهم هذا هو القفيز الحجازي ، ولا يعرفه أهل المدينة ، قال ابن الأثير : والمد مختلف فيه ، فقيل : هو رطل وثلث بالعراقي وبه يقول الشافعي وفقهاء الحجاز ، فيكون الصاع خمسة أرطال وثلثا على رأيهم ، وقيل : هو رطلان وبه أخذ أبو حنيفة وفقهاء العراق ، فيكون الصاع ثمانية أرطال على رأيهم ، وفي أمالي ابن بري :


                                                          أودى ابن عمران يزيد بالورق     فاكتل أصياعك منه وانطلق

                                                          وفي الحديث : أنه أعطى عطية بن مالك صاعا من حرة الوادي أي موضعا يبذر فيه صاع ، كما يقال : أعطاه جريبا من الأرض أي مبذر جريب ، وقيل : الصاع المطمئن من الأرض . والصواع والصواع والصوع والصوع كله : إناء يشرب فيه مذكر . وفي التنزيل : قالوا نفقد صواع الملك قال : هو الإناء الذي كان الملك يشرب منه . وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى : صواع الملك قال : هو المكوك الفارسي الذي يلتقي طرفاه ، وقال الحسن : الصواع والسقاية شيء واحد ، وقد قيل : إنه كان من ورق فكان يكال به ، وربما شربوا به . وأما قوله تعالى : ثم استخرجها من وعاء أخيه فإن الضمير رجع إلى السقاية من قوله تعالى : جعل السقاية في رحل أخيه ، وقال الزجاج : هو يذكر ويؤنث ، وقرأ بعضهم : صوع الملك ويقرأ : صوغ الملك ، كأنه مصدر وضع موضع مفعول أي مصوغه ، وقرأ أبو هريرة : صاع الملك ، قال الزجاج : جاء في التفسير أنه كان إناء مستطيلا يشبه المكوك كان يشرب الملك به ، وهو السقاية ، قال : وقيل إنه كان مصوغا من فضة مموها بالذهب ، وقيل : إنه كان يشبه الطاس ، وقيل : إنه كان من مس . وصوع الطائر رأسه : حركه . وصوع الفرس : جمح برأسه . وفي حديث سلمان : كان إذا أصاب الشاة من المغنم في دار الحرب عمد إلى جلدها فجعل منه جرابا ، وإلى شعرها فجعل منه حبلا ، فينظر رجلا صوع به فرسه فيعطيه أي جمح برأسه وامتنع على صاحبه . وتصوع الشعر : تقبض وتشقق . وتصوع البقل تصوعا وتصيع تصيعا : هاج كتصوح . وصوعته الريح : صيرته هيجا كصوحته ؛ قال ذو الرمة :


                                                          وصوع البقل نأآج تجيء به     هيف يمانية في مرها نكب

                                                          ويروى : وصوح بالحاء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية