الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أفهم هذا الكلام السابق أن التقدير: فإن لكل ظالم في ذلك [ ص: 36 ] اليوم عذابا لا يحيط به الوصف، فإن الإصعاق من أشد ما يكون من العذاب، عطف عليه قوله مؤكدا لما لهم من الإنكار أي ينصر عليهم المؤمنون وهم من الكثرة والقوة بحيث لا مطمع فيهم لأحد لاسيما لمن هم مثل في الضعف والقلة وإن وكان الأصل لهم، ولكنه أظهر تعميما وتعليقا للحكم بالوصف فقال: للذين ظلموا أي أوقعوا الأشياء في غير مواقعها كما يقولونه في القرآن، ويفعلونه من العصيان ويعتقدون من الشرك والبهتان عذابا دون ذلك أي غير عذاب ذلك اليوم الصعب المرير، أو أدنى رتبة منه، إن كان المراد بالصعق ما يكون بعد البعث فبعذاب البرزخ في القبور، وإن كان المراد به الموت فيما يلقونه في الدنيا من عذابي بواسطتكم مثل تحيزكم إلى الأنصار في دار الهجرة ومعدن النصرة وصيرورتكم في القوة بحيث تناصبونهم الحرب، وتعاطونهم الطعن والضرب، فتكونوا بعد أن كنتم طوع أيديهم قذى في أعينهم وشجا في حلوقهم ودحضا لأقدامهم ونقضا لإبرامهم، ومثل القحط الذي حصل لهم والسرايا التي لقيتموها فيها مثل سرية حمزة أسد الله وأسد رسوله، وعبيدة بن الحارث وعبيد الله بن جحش التي كانت مقدمة لغزوة بدر.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان بعضهم يبصر هذا مثل عتبة بن ربيعة والوليد بن مغيرة والنضر بن الحارث ويقولون: والله ما هو شاعر ولا كاهن ولا ساحر ولا مجنون، وليكونن لقوله الذي يقول نبأ، قال: ولكن أكثرهم [ ص: 37 ] بسبب ما يرون من كثرتهم وحسن حالهم في الدنيا وقوتهم لا يعلمون أي يتجدد لهم علم بتقويتكم عليهم لأنهم لا علم لهم أصلا حتى يروا ذلك معاينة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية