الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ صوم ]

                                                          صوم : الصوم : ترك الطعام والشراب والنكاح والكلام ، صام يصوم صوما وصياما واصطام ، ورجل صائم وصوم من قوم صوام وصيام وصوم بالتشديد ، وصيم قلبوا الواو لقربها من الطرف وصيم ؛ عن سيبويه كسروا لمكان الياء وصيام وصيامى الأخير نادر ، وصوم وهو اسم للجمع ، وقيل : هو جمع صائم . وقوله عز وجل : إني نذرت للرحمن صوما قيل : معناه صمتا ، ويقويه قوله تعالى : فلن أكلم اليوم إنسيا . وفي الحديث : قال النبي صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى كل عمل ابن آدم له إلا الصوم ، فإنه لي ؛ قال أبو عبيد : إنما خص الله تبارك وتعالى الصوم بأنه له وهو يجزي به ، وإن كانت أعمال البر كلها له وهو يجزي بها ؛ لأن الصوم ليس يظهر من ابن آدم بلسان ، ولا فعل فتكتبه الحفظة ، إنما هو نية في القلب وإمساك عن حركة المطعم والمشرب يقول الله تعالى : فأنا أتولى جزاءه على ما [ ص: 309 ] أحب من التضعيف وليس على كتاب كتب له ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ليس في الصوم رياء ، قال : وقال سفيان بن عيينة : الصوم هو الصبر يصبر الإنسان على الطعام والشراب والنكاح ، ثم قرأ : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب . وقوله في الحديث : صومكم يوم تصومون أي أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد ، فلو أن قوما اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين ولم يفطروا حتى استوفوا العدد ، ثم ثبت أن الشهر كان تسعا وعشرين فإن صومهم وفطرهم ماض ولا شيء عليهم من إثم أو قضاء ، وكذلك في الحج إذا أخطئوا يوم عرفة والعيد فلا شيء عليهم . وفي الحديث : أنه سئل عمن يصوم الدهر ، فقال : لا صام ولا أفطر أي لم يصم ولم يفطر كقوله تعالى : فلا صدق ولا صلى وهو إحباط لأجره على صومه حيث خالف السنة ، وقيل : هو دعاء عليه كراهية لصنيعه . وفي الحديث : فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم ؛ معناه أن يرده بذلك عن نفسه لينكف ، وقيل : هو أن يقول ذلك في نفسه ويذكرها به فلا يخوض معه ، ولا يكافئه على شتمه فيفسد صومه ويحبط أجره . وفي الحديث : إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل إني صائم يعرفهم بذلك لئلا يكرهوه على الأكل أو لئلا تضيق صدورهم بامتناعه من الأكل . وفي الحديث : من مات وهو صائم فليصم عنه وليه . قال ابن الأثير : قال بظاهره قوم من أصحاب الحديث وبه قال الشافعي في القديم وحمله أكثر الفقهاء على الكفار وعبر عنها بالصوم إذا كانت تلازمه ، ويقال : رجل صوم ، ورجلان صوم ، وقوم صوم ، وامرأة صوم لا يثنى ، ولا يجمع ؛ لأنه نعت بالمصدر ، وتلخيصه رجل ذو صوم وقوم ذو صوم وامرأة ذات صوم . ورجل صوام قوام إذا كان يصوم النهار ويقوم الليل ، ورجال ونساء صوم وصيم وصوام وصيام . قال أبو زيد : أقمت بالبصرة صومين أي رمضانين . وقال الجوهري : رجل صومان أي صائم . وصام الفرس صوما أي قام على غير اعتلاف . المحكم : وصام الفرس على آريه صوما وصياما إذا لم يعتلف ، وقيل : الصائم من الخيل القائم الساكن الذي لا يطعم شيئا ؛ قال النابغة الذبياني :


                                                          خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما

                                                          الأزهري في ترجمة صون : الصائن من الخيل القائم على طرف حافره من الحفاء ، وأما الصائم ، فهو القائم على قوائمه الأربع من غير حفاء . التهذيب : الصوم في اللغة الإمساك عن الشيء والترك له ، وقيل للصائم صائم لإمساكه عن المطعم والمشرب والمنكح ، وقيل للصامت صائم لإمساكه عن الكلام ، وقيل للفرس صائم لإمساكه عن العلف مع قيامه . والصوم : ترك الأكل . قال الخليل : والصوم قيام بلا عمل . قال أبو عبيدة : كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير ، فهو صائم . والصوم : البيعة . ومصام الفرس ومصامته : مقامه وموقفه ؛ وقال امرؤ القيس :


                                                          كأن الثريا علقت في مصامها     بأمراس كتان إلى صم جندل

                                                          ومصام النجم : معلقه . وصامت الريح : ركدت . والصوم : ركود الريح . وصام النهار صوما إذا اعتدل وقام قائم الظهيرة ؛ قال امرؤ القيس :


                                                          فدعها وسل الهم عنك بجسرة     ذمول إذا صام النهار وهجرا

                                                          وصامت الشمس : استوت . التهذيب : وصامت الشمس عند انتصاف النهار إذا قامت ولم تبرح مكانها . وبكرة صائمة إذا قامت فلم تدر ؛ قال الراجز :


                                                          شر الدلاء الولغة الملازمه     والبكرات شرهن الصائمه

                                                          يعني التي لا تدور . وصام النعام إذا رمى بذرقه ، وهو صومه . المحكم : صام النعام صوما ألقى ما في بطنه . والصوم : عرة النعام ، وهو ما يرمي به من دبره . وصام الرجل إذا تظلل بالصوم ، وهو شجر ؛ عن ابن الأعرابي . والصوم : شجر على شكل شخص الإنسان كريه المنظر جدا ، يقال لثمره رءوس الشياطين يعنى بالشياطين الحيات وليس له ورق ؛ وقال أبو حنيفة : للصوم هدب ، ولا تنتشر أفنانه ينبت نبات الأثل ، ولا يطول طوله ، وأكثر منابته بلاد بني شبابة

                                                          قال ساعدة بن جؤية : موكل بشدوف الصوم يرقبها من المناظر مخطوف الحشا زرم شدوفه : شخوصه يقول : يرقبها من الرعب يحسبها ناسا ، واحدته صومة . الجوهري : الصوم شجر في لغة هذيل ، قال ابن بري : يعني قول ساعدة :


                                                          موكل بشدوف الصوم يبصرها     من المعازب مخطوف الحشا زرم

                                                          وفسره فقال : من المعازب من حيث يعزب عنه الشيء أي يتباعد ، ومخطوف الحشا : ضامره وزرم : لا يثبت في مكان ، والشدوف : الأشخاص ، واحدها شدف . قال ابن بري : وصوام جبل ؛ قال الشاعر :


                                                          بمستهطع رسل كأن جديله     بقيدوم رعن من صوام ممنع

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية