الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال من في يده المال ) من الشريكين ( هو لي وقال الآخر مشترك أو ) قالا ( بالعكس ) أي قال من بيده المال هو مشترك وقال الآخر هو لي ( صدق صاحب اليد ) بيمينه لأنها تدل على الملك الموافق لدعواه به في الأولى ونصفه في الثانية ( ولو قال ) ذو اليد ( اقتسمنا وصار لي صدق المنكر ) لأن الأصل عدم القسمة وإنما قبل قوله في الرد مع أن الأصل عدمه لأن من شأن الأمين قبول قوله فيه توسعة عليه ( ولو اشترى ) الشريك ( وقال اشتريته للشركة أو لنفسي وكذبه الآخر صدق المشتري ) بيمينه لأنه أعرف بقصده نعم لو اشترى شيئا فظهر عيبه وأراد رد حصته لم يقبل قوله على البائع أنه اشتراه للشركة لأن الظاهر أنه اشتراه لنفسه فليس له تفريق الصفقة عليه وظاهر هذا تعدد الصفقة لو صدقه ويوجه بأنه أصيل في البعض ووكيل في البعض فكانا بمنزلة عقدين .

                                                                                                                              ( فرع ) أفتى المصنف كابن الصلاح فيمن غصب نحو نقد أو بر وخلطه بماله ولم يتميز بأن له إفراز قدر المغصوب ويحل له التصرف في الباقي و يأتي لذلك تتمة قبيل الأضحية ولو باعا عبدهما صفقة أو وكل أحدهما الآخر فباعه لم يشارك أحدهما الآخر فيما قبضه فإن قلت ينافي ذلك قولهم في مشترك بنحو إرث أنه يشاركه فيه لاتحاد الحق قلت لا ينافيه ويفرق بأن المشترك بنحو الشراء يتأتى فيه تعدد الصفقة المقتضي لتعدد العقد وترتب الملك فكان كل من الشريكين فيه كالمستقل ولأن حقه يتوقف وجوده على وجود غيره فإذا قبض قدر حصته أو بعضها فاز به بخلاف نحو الإرث فإنه حق يثبت للورثة دفعة واحدة من غير أن يتصور فيه ترتب ولا توقف فكان جميعه كالحق الذي لا يمكن تبعيضه فلم يختص قابض شيء منه به فإن قلت يبطل هذا الفرق إلحاقهم دين الكتابة بنحو الإرث قلت لا يبطله بل يؤيده لأن كتابة بعض الرقيق لما كان الأصل فيها الامتناع كانت كالإرث فيما ذكر فألحق دينها به في عدم الاستقلال نظرا لأصل امتناع التعدد فيه فإن قلت ينافي [ ص: 294 ] ما ذكر في الشراء قولهم ادعيا عينا في يد ثالث بالشراء معا فأقر لأحدهما بنصفها شاركه الآخر فيه قلت يفرق بأن الثبوت هنا لا ينسب للشراء الذي ادعياه بل للإقرار ومن شأن الإقرار أن لا يدخله تعدد صفقة ولا اتحادها فكان بالإرث أشبه فأعطي حكمه ووقع لشيخنا هنا في شرح الروض ما يعلم بتأمله مع تأمل ما ذكرته أن ما ذكرته أدق مدركا وأوفق لكلامهم فتأمله ولو أجر حصته في مشترك لم يشارك فيما قبضه مما أجر به وإن تعدى بتسليمه العين للمستأجر بغير إذن شريكه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وإنما يتجه إن باعوا مرتبا لا معا إلخ ) في الروض وشرحه ما نصه ولو باعا عبدهما صفقة أو وكل أحدهما [ ص: 294 ] الآخر فباعه فلكل منهما قبض نصيبه من الثمن كما لو انفرد بالبيع فلا يشاركه الآخر فيما قبضه وقد يقال قياس ما قالوه في المشترك من إرث ودين كتابة أن يشاركه فيه لاتحادهما في الحق كما هو وجه في المسألة ويجاب بمنع أن الثمن مشترك بل كل يملك نصيبه منفردا ولو سلم فيجاب بأن الاتحاد المقتضي للمشاركة فيما يقبض محله إذا لم يتأت انفراد أحدهما بالاستحقاق لنصيبه فيما اشتركا فيه كما في ذينك بخلاف هذه نعم قد تشكل هذه بالمشترك بالشراء معا إذا ادعياه وهو في يد ثالث فأقر لأحدهما بنصفه فإن الآخر يشاركه فيه كما مر في الصلح مع أن شراء أحدهما يتأتى انفراده عن شراء الآخر ويجاب بأن المشترك ثم نفس المدعي وهنا بدله فألحق ذلك بذينك وإن تأتى الانفراد به انتهى فجزم الروض بأن لكل قبض نصيبه مع تصوير المسألة باتحاد الصفقة ينافي قول الشارح وإنما يتجه إلخ فليتأمل ثم رأيت الشارح أصلح هذا المحل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله به ) أي بالمال جميعه ( قوله ونصفه ) أي نصف المال عطف على ضمير به بلا إعادة الخافض كما جوزه ابن مالك وفاقا للكوفيين عبارة المغني بدل قوله الموافق إلخ وقد ادعى صاحبها جميع المال في المسألة الأولى ونصفه في الثانية ا هـ وهي أحسن قول المتن ( وصار لي إلخ ) عبارة المغني وصار ما في يدي إلي وقال الآخر لا بل هو مشترك ا هـ قول المتن ( صدق المنكر ) ولو ادعى كل منهما أنه ملك هذا الرقيق مثلا بالقسمة وحلفا أو نكلا جعل مشتركا وإلا فللحالف نهاية ومغني قول المتن ( صدق المشتري ) سواء ادعى أنه صرح بذلك أم نواه ا هـ نهاية زاد المغني والغالب أن الأول يقع عند ظهور الخسران والثاني عند ظهور الربح ا هـ وقوله في الرد أي لنصيب الشريك إليه و ( قوله فيه ) أي الرد ( قوله بيمينه ) إلى قوله وظاهر إلخ في المغني وإلى قوله فإن قلت في النهاية إلا قوله ويأتي لذلك تتمة قبيل الأضحية ( قوله أفتى المصنف إلخ ) ولو اشترك مالك أرض ومالك بذور ومالك آلة حرث مع رابع يعمل على أن الغلة بينهم لم يصح ذلك شركة لعدم اختلاط المالين ولا إجارة لعدم تقدير المدة والأجرة ولا قراضا إذ ليس لواحد منهم رأس مال يرجع إليه فيتعين حينئذ أن يكون الزرع لمالك البذر ولهم عليه أجرة المثل إن حصل من الزرع شيء وإلا فلا أجرة لهم مغني ونهاية ( قوله ويحل له التصرف إلخ ) أي وأما ما أفرزه من جهة الغصب فيجب رده لأربابه ولو تلف فهو في ضمانه ومتى تمكن من رده وجب عليه رده خروجا من المعصية ا هـ ع ش ( قوله ولو باعا إلخ ) عبارة الأنوار ولو ملكا عبدا فباعاه صفقة أو وكل أحدهما الآخر فباعاه فكل واحد يستقل بقبض حصته من الثمن ولا يشاركه الآخر فيه انتهى ا هـ رشيدي ( قوله أو وكل أحدهما إلخ ) قضية الفرق الآتي أن الأمر كذلك لو وكلا ثالثا فباعه فليراجع ( قوله ينافي ذلك ) أي قوله لم يشاركه إلخ ( قوله قلت إلخ ) عبارة سم عن الروض وشرحه يجاب بمنع أن الثمن مشترك بل كل يملك نصيبه منفردا ولو سلم فيجاب بأن الاتحاد المقتضي للمشاركة فيما يقبض محله إذا لم يتأت انفراد أحدهما بالاستحقاق لنصيبه فيما اشتركا فيه كما في ذينك أي المشترك من إرث ودين كتابة بخلاف هذه أي صورة الاشتراك بالشراء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وترتب الملك ) أي ولترتب ملك كل من الشريكين بحصته من الثمن على عقده ولو عبر هنا وفيما يأتي بترتيب من باب التفعيل لكان أوفق بقوله الآتي دفعة واحدة ( قوله فيه ) أي في نصيبه من المشترك بنحو الشراء ( قوله ولأن حقه إلخ ) أي كل من الشريكين عطف بحسب المعنى على قوله ويفرق إلخ لكن لا يظهر منه ثبوت المطلوب الذي هو إثبات الغرض ودفع التنافي إلا أن يكون المراد منه أن حق كل من الشريكين في المشترك بنحو الشراء يمكن وجوده بدون حق الآخر بأن باع مثلا أحدهما دون الآخر بخلاف حقه في المشترك بنحو الإرث فلا يمكن فيه ثبوت حق أحدهما دون الآخر لاتحاد سبب ملكهما وعدم إمكان تعدده وهو الموت ( قوله لما كان الأصل فيها ) احتراز عما إذا كان المكاتب مشتركا بين [ ص: 294 ] اثنين مثلا ( قوله ما ذكر ) أي عدم المشاركة ( قوله شاركه الآخر فيه ) أي شارك أحد المدعيين المقر له المدعي الآخر في النصف المقر به ( قوله هنا ) أي في المشترك بنحو الشراء قوله ولو آجر إلى المتن في النهاية ( قوله لم يشارك ) ببناء المفعول ( قوله مما آجر به ) أي من الأجرة كلا أو بعضا




                                                                                                                              الخدمات العلمية