الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 249 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب )

قال أبو جعفر : يعني بقوله : "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات " ، علماء اليهود وأحبارها ، وعلماء النصارى ، لكتمانهم الناس أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، وتركهم اتباعه وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل .

و"البينات " التي أنزلها الله : ما بين من أمر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه وصفته ، في الكتابين اللذين أخبر الله تعالى ذكره أن أهلهما يجدون صفته فيهما .

ويعني تعالى ذكره ب "الهدى " ما أوضح لهم من أمره في الكتب التي أنزلها على أنبيائهم ، فقال تعالى ذكره : إن الذين يكتمون الناس الذي أنزلنا في كتبهم من البيان من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته ، وصحة الملة التي أرسلته بها وحقيتها ، فلا يخبرونهم به ، ولا يعلنون من تبييني ذلك للناس وإيضاحيه لهم ، في الكتاب الذي أنزلته إلى أنبيائهم ، "أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا " الآية . كما : -

2370 - حدثنا أبو كريب قال : وحدثنا يونس بن بكير - وحدثنا ابن [ ص: 250 ] حميد قال : حدثنا سلمة - قالا جميعا ، حدثنا محمد بن إسحاق قال : حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال : حدثني سعيد بن جبير ، أو عكرمة ، عن ابن عباس قال : سأل معاذ بن جبل أخو بنى سلمة ، وسعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل ، وخارجة بن زيد أخو بني الحارث بن الخزرج ، نفرا من أحبار يهود - قال أبو كريب : عما في التوراة ، وقال ابن حميد : عن بعض ما في التوراة - فكتموهم إياه ، وأبوا أن يخبروهم عنه ، فأنزل الله تعالى ذكره فيهم : " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " .

2371 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى " قال : هم أهل الكتاب .

2372 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

2373 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه عن الربيع في قوله "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى " قال : كتموا محمدا صلى الله عليه وسلم ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم ، فكتموه حسدا وبغيا . [ ص: 251 ]

2374 - حدثنا بشر بن معاذ : قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب " أولئك أهل الكتاب ، كتموا الإسلام وهو دين الله ، وكتموا محمدا صلى الله عليه وسلم ، وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل .

2374 م - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب" ، زعموا أن رجلا من اليهود كان له صديق من الأنصار يقال له ثعلبة بن غنمة ، قال له : هل تجدون محمدا عندكم ؟ قال : لا! قال : محمد : "البينات " .

التالي السابق


الخدمات العلمية