الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا معشر الجن والإنس هما الثقلان خوطبا باسم جنسهما لزيادة التقرير ولأن الجن مشهورون بالقدرة على الأفاعيل الشاقة فخوطبوا بما ينبئ عن ذلك لبيان أن قدرتهم لا تفي بما كلفوه وكأنه لما ذكر سبحانه أنه مجاز للعباد لا محالة عقب عز وجل ذلك ببيان أنهم لا يقدرون على الخلاص من جزائه وعقابه إذا أراده فقال سبحانه : يا معشر الجن والإنس إن استطعتم إن قدرتم ، وأصل الاستطاعة طلب طواعية الفعل وتأتيه . أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض أن تخرجوا من جوانب السماوات والأرض هاربين من الله تعالى فارين من قضائه سبحانه فانفذوا فاخرجوا منها وخلصوا أنفسكم من عقابه عز وجل ، والأمر للتعجيز لا تنفذون لا تقدرون على النفوذ إلا بسلطان أي بقوة وقهر وأنتم عن ذلك بمعزل وألف ألف منزل ، روي أن الملائكة عليهم السلام ينزلون يوم القيامة فيحيطون بجميع الخلائق فإذا رآهم الجن والإنس هربوا فلا يأتون وجها إلا وجدوا الملائكة أحاطت به ، وقيل : هذا أمر يكون في الدنيا ، قال الضحاك : بينما الناس في أسواقهم انفتحت السماء ونزلت الملائكة فتهرب الجن والإنس فتحدق بهم الملائكة وذلك قبيل قيام الساعة ، وقيل : المراد إن استطعتم الفرار من الموت ففروا ، وقيل : المعنى إن قدرتم أن تنفذوا لتعلموا بما في السماوات والأرض فنفذوا لتعلموا لكن لا تنفذون ولا تعلمون إلا ببينة وحجة نصبها الله تعالى فتعرجون عليها بأفكاركم ، وروي ما يقاربه عن ابن عباس والأنسب بالمقام لا يخفى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ زيد بن علي إن استطعتما رعاية للنوعين وإن كان تحت كل أفراد كثيرة والجمع لرعاية تلك الكثرة وقد جاء كل في الفصيح نحو قوله تعالى : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما [الحجرات : 9] فبأي آلاء ربكما تكذبان أي من التنبيه والتحذير والمساهلة والعفو مع كمال القدرة على العقوبة ، وقيل : على الوجه الأخير فيما تقدم أي مما نصب سبحانه من المصاعد العقلية والمعارج النقلية فتنفذون بها إلى ما فوق السماوات العلا

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية