الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضبب

                                                          ضبب : الضب : دويبة من الحشرات معروف ، وهو يشبه الورل ; والجمع أضب مثل كف وأكف ، وضباب وضبان ، الأخيرة عن اللحياني . قال : وذلك إذا كثرت جدا ; قال ابن سيده : ولا أدري ما هذا الفرق ; لأن فعالا وفعلانا سواء في أنهما بناءان من أبنية الكثرة ، والأنثى : ضبة . وأرض مضبة وضببة : كثيرة الضباب . التهذيب : أرض ضببة ; أحد ما جاء على أصله . قال أبو منصور : الورل سبط الخلق ، طويل الذنب ، كأن ذنبه ذنب حية ; ورب ورل يربي طوله على ذراعين . وذنب الضب ذو عقد ، وأطوله يكون قدر شبر . والعرب تستخبث الورل وتستقذره ولا تأكله ، وأما الضب فإنهم يحرصون على صيده وأكله ; والضب أحرش الذنب ، خشنه ، مفقره ، ولونه إلى الصحمة ، وهي غبرة مشربة سوادا ; وإذا سمن اصفر صدره ، ولا يأكل إلا الجنادب والدبى والعشب ، ولا يأكل الهوام ; وأما الورل فإنه يأكل العقارب ، والحيات ، والحرابي ، والخنافس ، ولحمه درياق ، والنساء يتسمن بلحمه . وضبب البلد وأضب : كثرت ضبابه ; وهو أحد ما جاء على الأصل من هذا الضرب . ويقال : أضبت أرض بني فلان إذا كثر ضبابها . وأرض مضبة ومربعة : ذات ضباب ويرابيع . ابن السكيت : ضبب البلد كثرت ضبابه ; ذكره في حروف أظهر فيها التضعيف ، وهي متحركة ، مثل قطط شعره ومششت الدابة وألل السقاء . وفي الحديث : أن أعرابيا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني في غائط مضبة . قال ابن الأثير : هكذا جاء في الرواية ، بضم الميم وكسر الضاد ، والمعروف بفتحهما ، وهي أرض مضبة مثل مأسدة ومذأبة ومربعة أي ذات أسود وذئاب [ ص: 8 ] ويرابيع ، وجمع المضبة مضاب . فأما مضبة : فهو اسم فاعل من أضب ، كأغدت ، فهي مغدة . فإن صحت الرواية فهي بمعناها . قال : ونحو هذا البناء الحديث الآخر : لم أزل مضبا بعد ; هو من الضب : الغضب والحقد أي لم أزل ذا ضب . ووقعنا في مضاب منكرة : وهي قطع من الأرض كثيرة الضباب ، الواحدة مضبة . قال الأصمعي سمعت غير واحد من العرب يقول : خرجنا نصطاد المضبة أي نصيد الضباب ، جمعوها على مفعلة ، كما يقال للشيوخ مشيخة ، وللسيوف مسيفة . والمضبب : الحارش الذي يصب الماء في جحره حتى يخرج ليأخذه . والمضبب : الذي يؤتي الماء إلى جحرة الضباب حتى يذلقها فتبرز فيصيدها ; قال الكميت :


                                                          بغبية صيف لا يؤتي نطافها ليبلغها ، ما أخطأته ، المضبب

                                                          يقول : لا يحتاج المضبب أن يؤتي الماء إلى جحرتها حتى يستخرج الضباب ويصيدها ; لأن الماء قد كثر ، والسيل قد علا الزبى ، فكفاه ذلك . وضببت على الضب إذا حرشته ، فخرج إليك مذنبا ، فأخذت بذنبه . والضبة : مسك الضب يدبغ فيجعل فيه السمن . وفي المثل : أعق من ضب ; لأنه ربما أكل حسوله . وقولهم : لا أفعله حتى يحن الضب في أثر الإبل الصادرة ، ولا أفعله حتى يرد الضب الماء ; لأن الضب لا يشرب الماء . ومن كلامهم الذي يضعونه على ألسنة البهائم ، قالت السمكة : وردا يا ضب فقال :


                                                          أصبح قلبي صردا     لا يشتهي أن يردا
                                                          إلا عرادا عردا     وصليانا بردا
                                                          وعنكثا ملتبدا

                                                          والضب يكنى أبا حسل ; والعرب تشبه كف البخيل إذا قصر عن العطاء بكف الضب ; ومنه قول الشاعر :


                                                          مناتين ، أبرام ، كأن أكفهم     أكف ضباب أنشقت في الحبائل

                                                          وفي حديث أنس : أن الضب ليموت هزالا في جحره بذنب ابن آدم أي يحبس المطر عنه بشؤم ذنوبهم . وإنما خص الضب ; لأنه أطول الحيوان نفسا وأصبرها على الجوع . ويروى : أن الحبارى بدل الضب ; لأنها أبعد الطير نجعة . ورجل خب ضب : منكر مراوغ حرب . والضب والضب : الغيظ والحقد ; وقيل : هو الضغن والعداوة ، وجمعه ضباب ; قال الشاعر :


                                                          فما زالت رقاك تسل ضغني     وتخرج ، من مكامنها ، ضبابي

                                                          وتقول : أضب فلان على غل في قلبه أي أضمره . وأضب الرجل على حقد في القلب ، وهو يضب إضبابا . ويقال للرجل إذا كان خبا منوعا : إنه لخب ضب . قال : والضب الحقد في الصدر . أبو عمرو : ضب إذا حقد . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : كل منهما حامل ضب لصاحبه . وفي حديث عائشة رضي الله عنها - : فغضب القاسم وأضب عليها . وضب ضبا ، وأضب به : سكت مثل أضبأ ، وأضب على الشيء ، وضب : سكت عليه . وقال أبو زيد : أضب إذا تكلم ، وضب على الشيء وأضب وضبب : احتواه . وأضب الشيء : أخفاه . وأضب على ما في يديه : أمسكه . وأضب القوم : صاحوا وجلبوا ; وقيل : تكلموا أو كلم بعضهم بعضا . وأضبوا في الغارة : نهدوا واستغاروا . وأضبوا عليه إذا أكثروا عليه ; وفي الحديث : ( فلما أضبوا عليه ) أي أكثروا . ويقال : أضبوا إذا تكلموا متتابعا ، وإذا نهضوا في الأمر جميعا . وأضب فلان على ما في نفسه أي سكت . الأصمعي : أضب فلان على ما في نفسه أي أخرجه . قال أبو حاتم : أضب القوم إذا سكتوا وأمسكوا عن الحديث ، وأضبوا إذا تكلموا وأفاضوا في الحديث ; وزعموا أنه من الأضداد . وقال أبو زيد : أضب الرجل إذا تكلم ، ومنه يقال : ضبت لثته دما إذا سالت ، وأضببتها أنا إذا أسلت منها الدم ، فكأنه أضب الكلام أي أخرجه كما يخرج الدم . وأضب النعم : أقبل وفيه تفرق . والضب والتضبيب : تغطية الشيء ودخول بعضه في بعض ، والضباب : ندى كالغيم . وقيل الضبابة : سحابة تغشي الأرض كالدخان ، والجمع : الضباب . وقيل : الضباب والضبابة ندى كالغبار يغشي الأرض بالغدوات . ويقال : أضب يومنا ، وسماء مضبة . وفي الحديث : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريق مكة ، فأصابتنا ضبابة فرقت بين الناس ; هي البخار المتصاعد من الأرض في يوم الدجن ، يصير كالظلة تحجب الأبصار لظلمتها . وقيل : الضباب هو السحاب الرقيق ; سمي بذلك لتغطيته الأفق ، واحدته ضبابة . وقد أضبت السماء إذا كان لها ضباب . وأضب الغيم : أطبق . وأضب يومنا : صار ذا ضباب . وأضبت الأرض : كثر نباتها . ابن بزرج : أضبت الأرض بالنبات : طلع نباتها جميعا . وأضب القوم : نهضوا في الأمر جميعا . وأضب الشعر : كثر . وأضب السقاء : هريق ماؤه من خرزة فيه ، أو وهية . وأضببت على الشيء : أشرفت عليه أن أظفر به . قال أبو منصور : وهذا من ضبأ يضبأ ، وليس من باب المضاعف . وقد جاء به الليث في باب المضاعف . قال : والصواب الأول ، وهو مروي عن الكسائي . وأضب على الشيء : لزمه فلم يفارقه ، وأصل الضب اللصوق بالأرض . وضب الناقة يضبها : جمع خلفيها في كفه للحلب ; قال الشاعر :


                                                          جمعت له كفي بالرمح طاعنا     كما جمع الخلفين ، في الضب حالب

                                                          ويقال : فلان يضب ناقته ، بالضم ، إذا حلبها بخمس أصابع . والضب أيضا : الحلب بالكف كلها ; وقيل : هذا هو الضف ، فأما الضب فأن تجعل إبهامك على الخلف ، ثم ترد أصابعك على الإبهام والخلف جميعا ; هذا إذا طال الخلف ، فإن كان وسطا ، فالبزم بمفصل السبابة وطرف الإبهام ، فإن كان قصيرا ، فالفطر بطرف السبابة والإبهام . وقيل : الضب أن تضم يدك على الضرع وتصير إبهامك في وسط راحتك . وفي حديث موسى وشعيب - عليهما السلام - : [ ص: 9 ] ليس فيها ضبوب ولا ثعول . الضبوب : الضيقة ثقب الإحليل . والضبة : الحلب بشدة العصر . وقوله في الحديث : إنما بقيت من الدنيا مثل ضبابة ; يعني في القلة وسرعة الذهاب . قال أبو منصور : الذي جاء في الحديث : إنما بقيت من الدنيا صبابة كصبابة الإناء ، بالصاد غير معجمة ، هكذا رواه أبو عبيد وغيره . والضب : القبض على الشيء بالكف . ابن شميل : التضبيب شدة القبض على الشيء كيلا ينفلت من يده ; يقال : ضببت عليه تضبيبا . والضب : داء يأخذ في الشفة ، فترم ، أو تجسأ ، أو تسيل دما ; ويقال : تجسأ بمعنى تيبس وتصلب . والضبيبة : سمن ورب يجعل للصبي في العكة يطعمه . وضببته وضببت له : أطعمته الضبيبة ; يقال : ضببوا لصبيكم . وضببت الخشب ونحوه : ألبسته الحديد . والضبة : حديدة عريضة يضبب بها الباب والخشب ، والجمع ضباب ; قال أبو منصور : يقال لها الضبة والكتيفة ; لأنها عريضة كهيئة خلق الضب ، وسميت كتيفة لأنها عرضت على هيئة الكتف . وضب الشيء ضبا : سال كبض . وضبت شفته تضب ضبا وضبوبا : سال منها الدم ، وانحلب ريقها . وقيل : الضب دون السيلان الشديد . وضبت لثته تضب ضبا : انحلب ريقها ; قال :


                                                          أبينا أبينا أن تضب لثاتكم     على خرد مثل الظباء ، وجامل

                                                          وجاء تضب لثته ، بالكسر ، يضرب ذلك مثلا للحريص على الأمر ; وقال بشر بن أبي خازم :


                                                          وبني تميم ، قد لقينا منهم     خيلا ، تضب لثاتها للمغنم

                                                          وقال أبو عبيدة : هو قلب تبض أي تسيل وتقطر . وتركت لثته تضب ضبيبا من الدم إذا سالت . وفي الحديث : ( ما زال مضبا مذ اليوم ) أي إذا تكلم ضبت لثاته دما . وضب فمه يضب ضبا : سال ريقه . وضب الماء والدم يضب ، بالكسر ، ضبيبا : سال . وأضببته أنا ، وجاءنا فلان تضب لثته إذا وصف بشدة النهم للأكل والشبق للغلمة ، أو الحرص على حاجته وقضائها ; قال الشاعر :


                                                          أبينا أبينا أن تضب لثاتكم     على مرشقات ، كالظباء ، عواطيا

                                                          يضرب هذا مثلا للحريص النهم . وفي حديث ابن عمر : أنه كان يفضي بيديه إلى الأرض إذا سجد ، وهما تضبان دما أي تسيلان ; قال : والضب دون السيلان ، يعني أنه لم ير الدم القاطر ناقضا للوضوء . يقال : ضبت لثاته دما أي قطرت . والضبوب من الدواب : التي تبول وهي تعدو ; قال الأعشى :


                                                          متى تأتنا ، تعدو بسرجك لقوة     ضبوب ، تحيينا ، ورأسك مائل

                                                          وقد ضبت تضب ضبوبا . والضب : ورم في صدر البعير ; قال :


                                                          وأبيت كالسراء يربو ضبها     فإذا تحزحز عن عداء ، ضجت

                                                          وقيل : هو أن يحز مرفق البعير في جلده ; وقيل : هو أن ينحرف المرفق حتى يقع في الجنب فيخرقه ; قال :


                                                          ليس بذي عرك ، ولا ذي ضب

                                                          والضب أيضا : ورم يكون في خف البعير ، وقيل في فرسنه ; تقول منه : ضب يضب ، بالفتح ، فهو بعير أضب ، وناقة ضباء بينة الضبب . والتضبب : انفتاق من الإبط وكثرة من اللحم ; تقول : تضبب الصبي أي سمن ، وانفتقت آباطه وقصر عنقه . الأموي : بعير أضب وناقة ضباء بينة الضبب ، وهو وجع يأخذ في الفرسن . وقال العدبس الكناني : الضاغط والضب شيء واحد ، وهما انفتاق من الإبط وكثرة من اللحم . والتضبب : السمن حين يقبل ; قال أبو حنيفة : يكون في البعير والإنسان . وضبب الغلام : شب . والضب والضبة : الطلعة قبل أن تنفلق عن الغريض ، والجمع ضباب ; قال البطين التيمي ، وكان وصافا للنحل :


                                                          يطفن بفحال ، كأن ضبابه     بطون الموالي ، يوم عيد ، تغدت

                                                          يقول : طلعها ضخم كأنه بطون موال تغدوا فتضلعوا . وضبة : حي من العرب . وضبة بن أد : عم تميم بن مر . الأزهري : في آخر العين مع الجيم : قال مدرك الجعفري : يقال فرقوا لضوالكم بغيانا يضبون لها أي يشمعطون ; فسئل عن ذلك ، فقال : أضبوا لفلان أي تفرقوا في طلبه ; وقد أضب القوم في بغيتهم أي في ضالتهم أي تفرقوا في طلبها . وضب : اسم رجل . وأبو ضب : شاعر من هذيل . والضباب : اسم رجل ، وهو أبو بطن ، سمي بجمع الضب ; قال :


                                                          لعمري ! لقد بر الضباب بنوه     وبعض البنين غصة وسعال

                                                          والنسب إليه ضبابي ، ولا يرد في النسب إلى واحده ; لأنه جعل اسما للواحد ، كما تقول في النسب إلى كلاب : كلابي . وضباب والضباب : اسم رجل أيضا ، الأول عن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          نكدت أبا زبينة ، إذ سألنا     بحاجتنا ، ولم ينكد ضباب

                                                          وروى بيت امرئ القيس :


                                                          وعليك ، سعد بن الضباب     فسمحي سيرا إلى سعد ، عليك بسعد

                                                          قال ابن سيده : هكذا أنشده ابن جني ، بفتح الضاد . وأبو ضب من كناهم . والضبيب : فرس معروف من خيل العرب ، وله حديث . وضبيب : اسم واد . وامرأة ضبضب : سمينة . ورجل ضباضب ، بالضم : غليظ سمين قصير فحاش جريء . والضباضب : الرجل الجلد الشديد ، وربما استعمل في البعير . أبو زيد : رجل ضبضب ، وامرأة ضبضبة ، وهو الجريء على ما أتى ; وهو الأبلخ أيضا ، وامرأة بلخاء : وهي الجريئة التي تفخر على جيرانها . وضب : اسم الجبل الذي مسجد الخيف في أصله ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية